ثلاثون عاما على تأسيسها، وما زالت في أوج عطاءها على صعيد المجتمع الفلسطيني، حازت على عدَة جوائز محلية ودولية تكريماً لها على جهودها في دعم وتمكين المعوّقين الفلسطينين… إنها مؤسسة الشهيد أبو جهاد الوزير.
هي مؤسسة فلسطينية من مؤسسات منظمة التحرير، نشأت عام ١٩٨٩ في ٢ كانون الثاني، وهي لا تبغي الربح. أما مجال عملها الجغرافي فيمتد من عدلون شمال صور، حتى رأس العين، جنوب مخيم الرشيدية، مستهدفاً ١٢ تجمعاً فلسطينياً في القرى اللبنانية المحيطة بالمخيمات. أما أدوار المؤسسة فتتمحور بين التأهيل، التدريب، الدمج، والتوظيف… فماذا عن أحوال المعوق الفلسطيني في لبنان حسب المؤسسة؟
أسعد:” قسم صيانة الأجهزة التعويضية لدينا، الوحيد على المستوى الفلسطيني”
يشرح لنا عبد أسعد، أمين سر المؤسسة، ومنسق برامج الإعاقة فيها، عن أقسامها: “قسم الإداريات، الذي يقوم باستقبال الحالات الإجتماعية وإحصاءها، وتوزيعها على الأقسام حسب نوع الإعاقة، ويبلغ عدد الحالات في مؤسستنا 1890 حالة إعاقة. أما الفئات العمرية التي نستقبلها فهي من سنة إلى ٩٠ عاماً، تخضع ملفاتهم لتحديث مستمر، لتواكب حالات الوفيات، وغيرها من التعديلات، كما ونحرص على تشبيك عملنا مع المؤسسات الرسمية”.
يكمل أسعد: “لدينا قسم للتدريب المهني- الحرفي، يستهدف من تتراوح أعمارهم بين ١٥-٤٠ سنة، لدينا أيضاً قسم للتربية المختصة بالإعاقة الذهنية، التوحد، والإعاقات الحركية، وقسم للإعاقات البصرية”.
ويلفت أسعد، (وهو أيضا مدرِب وطني على صعيد مفاهيم الإعاقة والإتفاقيات الدولية)، إلى أنّ قسم الأجهزة البصرية في المؤسسة، هو الوحيد في لبنان، على مستوى المجمَعات الفلسطينية، كما وصيانة الأجهزة التعويضية، الطبية منها والصناعية، كأن نؤمن عصياً وساعات ناطقة، للمحتاجين إليها، أو نصلح كرسي متحرك… ويمكن للبنانيين، أو حتى السوريين الإستفادة من هذه الخدمة، فنحن لا نميِز بين جنسية أو دين، هدفنا إنساني بالدرجة الأولى”.
أما عن قسم الدمج الفني، فهو: “يتألف من فرقة موسيقية، مؤلفة من ١٢ شخصاً، يتقنون استخدام آلات موسيقية ، ويتولون قيادة أنشطة موسيقية في مناسبات عدة كالمناسبات الوطنية، وغيرها”..
ولا تخلو المؤسسة من قسم الترفيه، الذي يهدف بدوره للدمج الشمولي، لا سيما الطلاب غير القابلين للدمج في المدارس، وذلك” بالتعاون مع الأنروا التي جددت عقدها معنا للسنة الثانية على التوالي، إضافة للمحاضرات التوعوية في المدارس،لا سيما عن مفهوم إحياء يوم المعوق العالمي، نحو مجتمع أكثر اندماجا”، يضيف أسعد، لافتا إلى أن نقليات طلاب المؤسسة “مؤمنة”، وهي “مجانية”.
وللأهل دورهم أيضاً في مؤسسة الشهيد جهاد الوزير، “فمجلس الأهل يشارك في وضع خطة العمل النوعية، ومراقبة تنفيذها، وتقييمها كل ٣ أشهر”.
الفلسطينيات المعوقات: عنف مضاعف
١% منهنّ فقط لديها فرصة للزواج!
ويقول أسعد: “لدينا لجنة خاصة بالنساء ذات الإعاقة في منطقة صور. خصوصاً أن حرمانهنَّ مضاعف، فإضافة إلى الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية الذي يعاني منه الفلسطينيون عموماً، تتعرضن للعنف، كمنعهن من الخروج خارج المنزل تحت ذريعة الخوف عليهن، كما أن المرأة المعوّقة في مجتمعنا الفلسطيني، تصبح شبه معدومة الحظوظ بالزواج، بالكاد ١ الى ٢ بالمئة منهنّ تستطعن الإرتباط، هنّ، يُنبذن بكل ما في الكلمة من معنى، أما دورنا فيكمن في تعزيز قيمة حياتهنّ في أعينهنّ، وذلك عبر مشاريع توعوية عديدة، تتمحور حول دمجن، تمكينهنّ، تدريبهنّ على أعمال التدبير المنزلي، المناصرة، وغيرها… بالتالي جعلهنّ يعتمدن على أنفسهنّ و تمكينهنّ”.
ماذا عن تأمين فرص العمل؟
٩٠% من موظفي المؤسسة من المعوّقين
يوضح أسعد أن توظيف الحالات المنضوية في مؤسسته، يأتي حسب نوع إعاقتهم، وبالتالي حسب ما يناسبها من مهام وظيفية، ويكمل:”نضغط على الأونروا لتوظف عندها قسماً منهم، هي متجاوبة معنا، من منطلق الكفاءة المهنية، وبالتالي هي لا تفرّق بين معوق وغير معوق، كما ونتعاون مع مؤسسات أخرى، لنحاول توظيف أكبر عدد ممكن منهم، إضافة إلى أنّ ٩٠% من موظفي مؤسستنا هم من المعوقين، معظمهم تعلّم في مؤسستنا ثم عمل فيها، كثير منهم لديه قصص نجاح، معروضة على موقعنا الإلكتروني”.
الفلسطينيون والدولة اللبنانية… تشبيك ولكن!
يؤكد أسعد على معاناة المعوّق الفلسطيني بشكل عام في لبنان:”هو يعاني الحرمان من حقوقه بسبب اللجوء، وبالتالي عدم احترامه كإنسان”، ويشير إلى أنه :”لا بوادر إيجابية حتى الآن على صعيد القوانين اللبنانية المتعلقة بالفلسطينيين،”. من ناحية ثانية يشيد أسعد ب:” علاقات الحكومة الفلسطينية اللبنانية، فهي ممتازة من ناحية أمن واستقرار المخيمات”، واصفا إياها بالتشبيكية، التنسيقية الممتازة.لافتا إلى تنسيق المؤسسة المباشر مع المؤسسات الرسمية، كبلدية صور، وتعاونها لا سيما بالأمور اللوجستية.
ويضيف:” التشبيك أيضا مع مجمع رندا بري، مؤسسة مارس صيدا، بسام سنجر(أدوات التدريبات)… وغيرها الكثير من المؤسسات. كما أن هيئة الإعاقة الفلسطينية، تساعد 14 جمعية في لبنان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومؤسستنا واحدة منها”.
هل يستفيد فلسطينيو لبنان من مصادقته على اتفاقية ذوي الإعاقة؟
الفلسطينيون يسبقون لبنان، مصادقون على الإتفاقية منذ ال2014!
يقول أسعد:” المعوقون الفلسطينيون في لبنان يتبعون في خدماتهم للحكومة الفلسطينية، بالتالي وزارة الشؤون الإجتماعية عبر سفارة فلسطين في لبنان، وكانت الحكومة الفلسطينية صادقت على الإتفاقية الدولية لذوي الإعاقة عام 2014. يستفيد منها معوقو لبنان من الفلسطينيين على مستويين اثنين: الرواتب والتوظيف”.
ويضيف:” أما الطبابة فيتمتع المعوقون المعتمدون في رام الله براتب شهري ثابت، وبتغطية صحية تصل إلى ١٠٠%، شأنهم شأن مصابي الحروب وعائلات الشهداء، أما المدنيون، فنغطي طبابتهم كاملة، لكن في حال كان هناك من عجز بالتحويل(عبر سفارة فلسطين في لبنان)، نقوم حينها بتغطية من 20 إلى 50 بالمئة، أما حالات العمليات المكلفة فنستعين بالأنروا، الاتحاد الأوروبي، الصندوق الصحي، وغيرها من المؤسسات غير الربحية لدعمنا في التغطية.
أما عن بطاقة المعوق، فهي :” تخول صاحبها الإستشفاء في مستشفيات الهلال بشكل مجاني”، كما نؤمن لهم الدواء، ونساهم بدفعه”.
أموال المساعدات:”الفساد لعنة في لبنان!
يتحدث أسعد عن حوالي 2000 جمعية تحت أسماء وهمية، تم إغلاقها عام 2017، وينوّه:””صُرف مال ما هبّ ودبّ على الكثير من الجمعيات لكنه لم يذهب في المكان الذي صرف لأجله”، ويلفت:”يجب على المموِّل أن يعرف أين وكيف تصرف الأموال، كي تحقق الأهداف التي وُضعت لها، ثم لينظر إذا ما كانت المؤسسة التي يمولها تحرص على توظيف المعوّقين”.
“المخيمات الفلسطينية مجتمع مغلق، تحتاج للدعم والتشبيك، نحن كمؤسسة، لا نعتمد فقط على تمويلنا الثابت (عبر السفارة الفلسطينية في لبنان)، بل نحن بحاجة دوما لدعم على صعيد التمويل من مؤسسات دولية، بغية العمل على المزيد من المشاريع، ومساعدة أكبر عدد من هذه الفئة، التي تتجسد بحوالي 10 آلاف فلسطيني”. يختم أسعد حديثه.
الحكومة الفلسطينية، في دولة فلسطين المحتلة، صادقت على اتفاقية ذوي الإعاقة، ماذا ينقص الدولة اللبنانية للمصادقة، على اتفاقية شأنها تعزيز وتكريس مفهوم حقوق الإنسان؟ إلا إذا كانت تطمح “لاحتلال” المركز الأخير، على لائحة الدول التي لم تصادق بعد!