منذ مطلع العام ١٩٩٣، قام المركز التربوي للبحوث والإنماء بتنظيم مؤتمرات عديدة بالتعاون مع المنظمة العالمية للتربية (اليونسكو) حيث أُطلِق الحوار حول مفاهيم حقوق الإنسان وحول كيفية ترجمة هذه الحقوق في مناهج تعليمية تؤمن “التعليم للجميع Education pour tous: “EPT.
إن دمج منظور الإعاقة في كافة السياسات الحكومية بما فيها السياسات التربوية هي الطريقة المثلى للتعامل مع الحاجات التعليمية الخاصة لكل الأطفال في المدارس فالأطفال لهم الحق في التعليم معًا دون تمييز فيما بينهم بغض النظر عن أية إعاقة أو صعوبة تعليمية.
لبنان الموقّع على جميع الاتفاقيات الدولية التي تعترف “بحقّ التعليم لجميع الأولاد والمراهقين” لا زال حتى اليوم بعد اكثر من عشرين عامًا لم يجد سياسة تربوية لتعزيز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة.
ما هي حقيقة مشروع المدارس الرسمية الدامجة التي أقرَها وزير التربية والتعليم مروان حمادة في حكومة تصريف الأعمال؟ وهل انتقل ملف تأهيل وتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة لوزارة التربية؟
أفاد قسم وحدة التربية المختصة بالإرشاد والتوجيه في وزارة التربية بأن ملف تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة لم ينتقل الى وزارة التربية هو من مهام وزارة الشؤون الإجتماعية حتى الآن وبالتنسيق بين الوزارتين.
لكن وزارة التربية هدفها الأسمى هو تقديم خدمة التعليم للجميع ومن هذا المنطلق جاء مشروع المدارس الرسمية الدامجة، هو مشروع “تجريبي” بدعم من المنظمة العالمية للتربية (اليونسكو) لعدد سنوات محدد.
هذا المشروع التجريبي يتضمن 30 مدرسة رسمية دامجة مع 24 مربية متخصصة بالتربية المختصة بمعدل مربية واحدة لكل مدرسة دامجة وبقية المدارس لديها فريق متخصص يتنقل فيما بينها ليسد النقص.
اما الإشكالية الأساسية حول هذا الملف هي انه في ملاكات وزارة التربية والتعليم لا يوجد وظائف للتعليم المختص أي إختصاصيين في علاج النطق والعلاج الحسي الحركي وعلم النفس العيادي. لقد تم التعاقد مع الإختصاصيين في هذا المشروع بصيغة “معلم خاصّ” وهذا قد تمّ استثنائيًا بمرسوم من مجلس الوزراء لمتابعة المشروع. بينما وزارة الشؤون الإجتماعية في ملاكاتها ووظائفها الأساسية يوجد إختصاصيين في علاج النطق والعلاج الحسي الحركي وعلم النفس العيادي. فهنا يجب ادخال بعض التعديلات في الوزارة، وقد أشار الى ذلك الوزير مروان حمادة عند اطلاق هذا المشروع بقوله:” ونحن مستعدون لإتخاذ القرار المناسب برفد جهاز الإرشاد والتوجيه في الوزارة بأفراد الهيئة التعليمية من النخبة ليتم تدريبهم بالتعاون مع المركز التربوي، فنكون قد حققنا خطوة إضافية في العناية بأجيالنا، سيما وأن لكل منا صعوبات تستوجب أن نعتني بها، وإن البلاد تمر بصعوبات نأمل أن يوفق القائمون على الحل إلى إيجاد خواتيم سعيدة لها”.
لم استقبلت هذه المدارس الرسمية الدامجة تلامذة من ذوي الصعوبات التعلمية المحددة وليس التلامذة من مختلف الإعاقة؟ وهل أصبحت المدارس الرسمية الدامجة مجهزة بنيويًا ومنهجيًّا؟
بحسب وزارة التربية قسم وحدة التربية المختصة بالإرشاد والتوجيه، المشروع هو تجريبي، ليس هناك كافة التجهيزات لاستقبال التلامذة من مختلف الإعاقة. ولكن هذا المشروع قد تمّ لدراسة المواجهات والتحديات التي ستواجه والنظر بالأسباب المعرقلة للدمج أو ترقب نتيجة المشروع لتعمل من خلالها الوزارة على تحسين وابتكار حلول لتحسين الوضع في السنوات اللاحقة. أما بالنسبة للمدارس الرسمية الدامجة هناك بعضًا منها اصبح مجهزًا بنيويًا ولكن حتى الآن ليس الكلّ.
منهجيًا لقد حضر المركز التربوي للإرشاد والتوجيه عدد من التدريبات التي لا تزال تحصل مع الإختصاصيين. ونظم عدد من اللقاءات مع مدراء المدارس، المعلمين والأهم مع الأهل.
كيف يتم التعاون بين وزارة التربية ووزارة الشؤون الإجتماعية؟
تؤمن وزارة الشؤون الإجتماعية الخدمات المتخصصة، هناك مركز التقييم المتخصص والمتابعة الذي يحوّل اليه الطفل لتقييم حالته او صعوباته التعلمية ولأنه مركز واحد فقط يتم التعامل مع جمعيات تقدم التقييم المتخصص للأطفال دون بدل مادي.
ان “ما يميز المشروع هو الشراكة مع الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالحاجات الخاصة والصعوبات التعليمية من CLES وغرف الدعم في المدارس، الى RESTART الممول من UNHCR، الى CEMEDIP، الى ESDF و ARCENCIEL، الى DUNION TRAIT وجمعية الشبيبة المكفوفين الى SKILD وغيرها من الجمعيات”. واعتمد فيها نظام الدعم المتعدد المستويات MTSS. 1
كما تعد وزارة التربية تحت شعار “التعليم للجميع” بأنها ستعمل جاهدة على ملف المدارس الرسمية الدامجة وعلى جميع المدارس الرسمية ان تصبح دامجة في المستقبل القريب.
في الختام، سينتهي المشروع التجريبي وننتظر المشروع الفعلي الحقيقي لمستقبل أطفال ذوي الإعاقة الذين لهم حقّ التعلم والتطور مثل أي طفل آخر. إن اعتماد مبدأ التربية الدامجة ليس مسألة هامشية، فهو يقضي بالبحث عن كيفية تحويل الأنظمة التربوية وجميع الأطر التعليمية لمواءمتها مع تنوع المتعلّمين وتنوع اختلافات الطلاب.