تؤكد المادة 26 من الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ضرورة التأهيل وإعادة التأهيل وتنصّ المادّة ان ” تتخذ الدول الأطراف تدابير فعالة ومناسبة، بما في ذلك عن طريق دعم الأقران، لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من بلوغ أقصى قدر من الاستقلالية والمحافظة عليها، وتحقيق إمكاناتهم البدنية والعقلية والإجتماعية والمهنية على الوجه الأكمل، وكفالة إشراكهم ومشاركتهم بشكل تام في جميع نواحي الحياة. وتحقيقا لتلك الغاية، تقوم الدول الأطراف بتوفير خدمات وبرامج شاملة للتأهيل وإعادة التأهيل وتعزيزها وتوسيع نطاقها، وبخاصة في مجالات الصحة والعمل والتعليم والخدمات الاجتماعية … ”
سنسلّط الضوء على التأهيل النفسي للأشخاص ذوي الإعاقة بما له من أهمية لوصولهم الى درجة ممكنة من درجات النمو والتكامل في شخصيتهم وتحقيق ذاتهم وتقبل اعاقتهم.
في البداية لا بدّ لنا من الإشارة الى ان المشكلات التي يعاني منها الأشخاص ذوي الإعاقة تميل
الى ان تكون مشكلات نفسية وإجتماعية وخلقية تجعلهم معرضين للسخرية أو العطف او الشفقة. بالإضافة الى الشعور بالنقص والإحساس بالدونية والإنطوائية، ممَا يجعلهم يشعرون بخوف من المستقبل وبصعوبة تكوين علاقات مع الآخرين وانعدام الثقة بالنفس فيشعرون بأنهم اقلّ مرتبة من الأشخاص الآخرين.
انّ الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة يتعرضون للإدانة من محيطهم بعدم القدرة على التعلّم، فيهدف التأهيل والإرشاد النفسي الى تهيئة فرص النمو الجسدي والنفسي لهم. فالتعلّم هو تغيّر في الأداء بفعل الخبرة والعديد من الدراسات العلمية اثبتت ان الأشخاص ذوي الإعاقة يتغيرون ويتعلمون. إنّ التأهيل هو تطوير وتنمية قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، لكي يكونوا مستقلين ومنتجين ويساعدهم على تخطي الآثار السلبية التي تخلفها الإعاقة .
كما يهدف الى تنمية الثقة بالنفس و بالبيئة التي يعيشون فيها وذلك من خلال إشباع حاجاتهم الاساسية في الأمن والطمأنينة والإعتماد على النفس والحصول على الاستحسان والتقدير من الآخرين حتى يشعرون بالكفاءة و يتكوّن لديهم مفهوم عال للذات.
دور المرشد الإجتماعي
التأهيل النفسي عملية تقوم على علاقة متبادلة بين المرشد والأشخاص ذوي الإعاقة وتكون في إطار برنامج التوجيه والإرشاد النفسي. ويركز الإختصاصي النفسي في عمله على مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على التعايش مع قدراتهم المحدودة المتعلقة بإعاقتهم وكذلك في التغلب على الإحباط وعدم الثقة. كما انّه يساهم في تحسين المناخ البيئي الذي يعيشون فيه من حيث توفير المثيرات المعرفية والخبرات الإجتماعية والأنشطة التربوية التي تنمّي القدرات وتشبع الحاجات وتساهم في بناء الشخصية. فللمرشد دور كبير في مساعدتهم على التعبير عن انفسهم وتفريغ انفعالاتهم وطاقاتهم في أنشطة مفيدة.
دور الأهل
إنّ من أهم مظاهر الضغوط النفسية التي يتعرض لها أفراد الأسرة هي الشعور بالخجل أو الدونية أو الذنب أو إنكار الإعاقة أو رفض الطفل ذوي الإعاقة وإخفائه عن الأنظار، أو الإنعزال عن الحياة الإجتماعية وعدم المشاركة في مظاهرها. فيغفل الأهل انّ دورهم أساسي لتخطي هذه المشكلات من خلال المشاركة في برامج التأهيل، فدورهم يتجسَد في توفير الظروف البيئية المناسبة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع المحلي وتعديل اتجاهات الأفراد وردود فعلهم تجاه الإعاقة وفهم وتقدير وتقبل حالة الإعاقة ومواجهة الضغوط النفسية والاجتماعية .
لا بد من التذكير من أن الآثار النفسية التي تتركها حالة العجز على حياة الفرد وعلى حياة أفراد أسرته غالبا ما تكون من الدرجة العميقة التي تحتاج إلى جهد أكبر للتخفيف منها. فعن طريق برامج التأهيل يتمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الانخراط في المجتمع بصدر رحب حتى ولو كانوا من شديدي الإعاقة فيجب ان لا نغفل العامل النفسي لأن هؤلاء الافراد لا يمكن لبعضهم التعبير بالكلام وما يجول في الخاطر مما يجعلهم عرضة لمشاكل نفسية اكبر تؤدي الى رفضهم للاستمرارية وعدم الاستجابة لأي برامج تأهيلية تقدم لهم ما لم يتم مراعاة العامل النفسي لديهم.
في الختام، إن نجاح برامج التأهيل وتطويرها لا يعتمد فقط على المرشد والأهل بل على التشريعات والقوانين والأنظمة والكوادر المهنية المتخصصة والمؤهلة لتوفير البرامج التربوية والمهنية اللازمة.
والأهم من كل ذلك توفر الأجهزة والوسائل المساعدة من أجهزة تعويضية وبيئة خالية من الحواجز ووسائل تعليمية خاصة ومراكز للتأهيل المجتمعي وتوفير الكلفة الاقتصادية.