حسين الحسيني، لبناني مضى 5 سنوات يبحث عن أي فرصة عمل ليستقل مادياً ويبني مسيرته المهنية. وبعد 5 سنوات من رحلة البحث، وجد حسين نفسه أمام مطعم الجواد الذي استقبله واستقبل آخرين من ذوي الإعاقة ليصبحوا ضمن طاقم عمل المطعم. وفي حديث لنا مع حسين، يتكلم حسين عن تجربته في سوق العمل.
كم الفترة التي مضت على جلوسك في المنزل وعدم حصولك على عمل بسبب أنك من ذوي الإعاقة؟
كحال أي شخص من ذوي الإعاقه في لبنان، كنت أعاني ما يقارب الخمس سنوات وأنا جالس في المنزل من دون عمل. قدمت على الكثير من فرص الأعمال خلال هذه الفترة، لكن من دون جدوى. كان ينظر كل أصحاب الأعمال إليّ على أنني معوّق لا أستطيع القيام بأي عمل.
وكوني من أحد الأفراد المتطوعين في الإتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً، التقيت بالأستاذة ندى، مسؤولة التوظيف، وقالت لي أنّ هناك مطعم بالقرب من منزلي يسمّى “مطعم الجواد” ويستقبل طلبات توظيف. اتجهت بعد ذلك إلى المطعم، وكان لي أمل وحلم كبير في العمل بعد سنوات من المعاناة دون عمل. تفاجأت عند دخولي إلى المطعم وعند تقديمي طلب العمل، وافقوا مباشرةً على توظيفي وطلبوا مني إحضار أوراقي في اليوم التالي. فاجأني ترحيبهم دون إجراء أي مقابلة أو حصول أية عراقيل أخرى. ففي الحوادث السابقة، كنت كلما قدمت على عمل، يكون الجواب “سوف نتصل بك”، بما معناه أنني غير مقبول في العمل.
بعد قبولي كموظف بمطعم الجواد، عدت الى المنزل وأخبرت زوجتي بذلك وبمدى فرحتي بالعمل. فهذا المطعم هو المكان الذي كنت أحلم بالعمل فيه يوماً ما.
ما هي الصعوبات أو المعوقات التي واجهتها عندما باشرت العمل في المطعم؟
استطعت القيام بكل شيء في العمل وكل ما يطلب مني، ولكن كنت أعاني من صعوبة في الوقوف لوقت طويل والتنقل بين مكان وآخر في مكان العمل؛ أي أنّ الوقوف والحركة كانتا تعيقانني كثيراً. لكن وبفضل تعاون المدير وصاحب المطعم، فحُلّت المشكلة حيث أوصى صاحب المطعم الشيف الذي أعمل معه أن يبقيني جالساً بدل الوقوف لوقت طويل. لذلك قام الشيف بجلب الكرسي لي، لكي أجلس عليه وأباشر عملي دون الوقوف. فأنا بعد ذلك أشعر بالإمتنان الكبير لأصحاب هذا المكان وأشعر أنّ لديهم فضل كبيرعليّ من كل النواحي.
هل شعرت أنّ هنالك تمييز بينك وبين أشخاص آخرين يعملون في نفس المكان؛ بمعنى آخر، هل ينتقصون من قدراتك لكونك من ذوي الإعاقة؟
أنا لم أجعل أي شخص يشعر بأنّ لدي إعاقه، كما أنّ طاقم العمل وأنا أصبحنا زملاء ومثل الإخوة. لذلك، لا يوجد أي إحتمال للتمييز بيني وبينهم. نعمل ونمزح مع بعض، كما أنّ الإحترام بيننا كبير. فلم يتجرأ أحد على التوجه لي بالقول “ليش إنت بتمشي هيك؟” لأنني بكل بساطه لم أدع أحد يشعر أنّ لدي إعاقة؛ بل وعلى العكس، الكل يتفاجأ بي كيف أنني أمزح أحياناً وأتكلم وأعمل بجد أحياناُ.
هل تعتبر أنّ هنالك أهمية للمصادقة على الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟
بالطبع؛ إذا تمّت المصادقة على الإتفاقية من قبل الدولة اللبنانية، فهذا يسهّل تعامل الدولة مع القانون اللبناني رقم 220/2000. بذلك تكون الدولة اللبنانية مجبرة على العمل بالقانون اللبناني الخاص بذوي الإعاقة بما يتلاءم مع الإتفاقية والتي تشمل كافة الحقوق لذوي الإعاقة من السكن والتعليم والعمل وعدم التمييز وتحقيق المساواة والصحة وغيرها من الأمور المذكورة في القانون والإتفاقية.
مداخلة الشيف أحمد سرحال
من برأيك المسؤول عن إيجاد فرص عمل للأشخاص ذو الإعاقة؟
وزارة الشؤون الإجتماعية تهتم بالأشخاص ذوي الإعاقة، لكن هذا لا يكفي؛ على أصحاب المؤسسات أن يعطوهم الفرصة لإثبات وجودهم مع أنهم قادرين على العمل في الكثير من الأماكن من مستشفيات إلى مطاعم وغيرها من المؤسسات التجارية. لكن حسب ملاحظتي، لا أجد في لبنان أي مبادرة تحث المؤسسات لتوظيفهم بشكل قاطع.
هل تعتبر أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة يكلفون من يستقطبهم للعمل أموال كثيرة وتجهيزات مقارنةً مع غيرهم من الأشخاص الطبيعيين؟
لا بالعكس، حيث أنّ كل الأشخاص المتواجدين في العمل أو في المؤسسة من ذوي الإعاقة لا يكلفوننا شيء. هناك أمور بسيطة يجب مراعاتها، كعدم إيقافهم لوقت طويل. ففي المؤسسة هنا، هناك آخرين غير حسين لديهم إعاقة في النطق والسمع ومع ذلك يعملون بجدية وذلك لا يؤثر على أداءهم. وأيضاُ لدينا ست موظفين في فرعنا بصور، ولا نواجه أي مشاكل معهم من حيث الأداء والعمل.
هل تعين الأشخاص ذوي الإعاقة تطبيقاً لمواد القانون 220/2000؟
ليس لدي فكرة عن القانون وكنت مسافراً من قبل. نقوم بها كمبادرة إنسانية. وأطلب من جميع المؤسسات إذا عندهم إمكانية مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة لإيجاد عمل. يمكنهم دفع أجرتهم قدر الإنتاجية التي يقدمونها لأنهم قد يكونون معيلين لعائلتهم أو مقبلين على الزواج أو غيره من الأمور.