لا يوجد في لبنان إحصاءات دقيقة لعدد الأشخاص الذين أصيبوا خلال الحرب الأهلية وتفاقمت إصابتهم لتصبح إعاقة دائمة. وحيث أنّ سبب إعاقة عدد كبير من المصابين هو نتيجة مشاركتهم في الحرب الأهلية إلى جانب أحزابهم السياسية، فهل تركتهم أحزابهم يواجهون إعاقتهم لوحدهم؟ هل عملت هذه الأحزاب على دمج المصابين بإعاقة في العمل الحزبي والسياسي؟
يعتبر فادي سعيّد، وهو مقاتل سابق في الحرب الأهلية اللبنانية، أنّ الكثير من الذين أًصيبوا في الحرب الأهلية وقعوا ضحايا لإعاقة دائمة. ويكمل سعيّد قائلاً، “لاحظت أنّ في كل المؤتمرات المعنية بذوي الإعاقة، لا ترسل العديد من الأحزاب التي لديها محازبين من ذوي الإعاقة الأشخاص المعنيين مباشرةً. إنما يرسلون المسؤول عنهم مع أنّ المسؤول ليس من ذوي الإعاقة. وهذا ما أستغربه.” وفي حديث مع الأستاذ سعيّد، يشرح لنا عن سبب إصابته، مدى دمجه كذي إعاقة في الحزب، ورأيه في الوضع القانوني الحالي.
كيف حدثت لك إصابة الإعاقة؟
كان عمري 16 سنة، وكان في وقتها حرب الجبل سنة 1985. وكنت أسمع أخبار الحرب مع رفاقي. وتحمست للمشاركة في الحرب كبقية الشباب المشاركين في الحرب. ثمّ قررت بوقتها أن أنضم إلى صفوف المقاتلين، حيث خدمت كمتدرب في بادئ الأمر. بعد ذلك وفي سنة 1986، اندلعت الحرب في بيروت التي شاركت بها. وخلال الحرب، أصبت في ظهري مما أدّى إلى إصابتي بشلل في جسمي، حيث لا أستطيع تحريك كلتا رجلي.
ماذا فعلت بعد إنتهاء الحرب؟ وهل توجد مؤسسة تحتضن ذوي الإعاقة آنذاك؟
بسبب عدم إهتمام أي مؤسسة أو جهة معينة بالأشخاص من ذوي الإعاقة، مررنا بفترة صعبة جداً. وبعد ذلك، قمنا أنا وأربع شباب من ذوي الإعاقة بمساعدة غيرنا من الذين هم في حاجة أكثر منا. وقمنا بإنشاء مركز للأشخاص ذوي الإعاقة وكنا نجمع مبلغ عشر دولارات من كل شخص ونقدمها المجموع للأكثر حاجةً لها. ومن هنا جاءت فكرة تأسيس رابطة تجمع معوقي الحرب خلال الفترة التي انحّل فيها الحزب الذي كنا نحارب فيه. وبعد رجوع الحزب حيّز العمل والسياسة، تمكنا من الحصول على تسهيلات من الحزب في الكثير من الأمور والنواحي وذلك عبر توفير المساعدات لنا بكل ما نحتاجه من أمور مادية ومعنوية. فحتّى المشاركة الحزبية أصبحت متاحة لنا كذوي إعاقة، وأصبح لنا دور فعّال في الحزب بحيث لم يتم تغييبنا او إبعادنا وتركنا في المنازل.
هل تعتبر أن حزبك ساهم بدمج الأشخاص ذوي الإعاقه بالمشاركة السياسية من حيث الترشيح والإنتخاب؟
بحسب تجربتي، وبما يوجد من إصابات لذوي الإعاقه منذ سنة 1975 وحتى الآن كان لحزبي أثر فعّال في دمج الأشخاص ذوي الإعاقه سواء في الحياة السياسية أو الإجتماعية، كما وأنّه كان يوفر الكثير من العمل لذوي الإعاقه. وأنا أعرف البعض من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين توظفوا بوظائف تابعة للدولة، منها المختارين وأعضاء بلديات.
هل تعتبر أنّ القانون 220/2000 ينصف الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين أصيبوا نتيجة الحرب؟
القانون لا يفرق بين الأشخاص الذين أصيبوا بسبب الحرب أو حوادث أو إعاقه منذ الولاده، حيث أنّ القانون 220/2000 يشمل كل الأشخاص من ذوي الإعاقة. لكن ما يجعل القانون قاصراً هو عدم تطبيقه. وبالمقارنة مع غير بلدان، فوجدت أنّ هنالك فرق شاسع بين لبنان وبين الدول التي زرتها مثل الامارات وفرنسا واميركا، فيما يخص حقوق ذوي الإعاقة والإمتيازات والأمور الكثيرة الممنوحة لهم. فنرى أنّ لبنان يعيش في عالم بعيد عن التطور والحقوق لهذه الفئة، سواء على مستوى الصحة والنقل والضمان الإجتماعي وغيرها من الأمور الإنسانية التي تساعد هؤلاء الأشخاص.
هل تعدّ المصادقة على إتفاقية حقوق ذوي الإعاقة من قبل دولة لبنان مهمة وضرورية؟
لا بدّ للبنان أن يصادق على هذه الإتفاقية، لأنّ كل دول أوروبا وأميركا وغيرها ممن صادقوا على الإتفاقية أصبحوا متقدمين جداً من حيث الحقوق المتاحة لذوي الإعاقة. أمّا في لبنان، نجد العكس ألا وهو عدم المصادقة وإهمال القانون وضياع الحقوق لهذه الفئة المظلومة في لبنان.