لا تفرق البنوك في لبنان بين صاحب إعاقه جسدية أو سمعية أو بصرية. فكلهم سواسية أمام عدم منحهم حق الإقتراض أو منحه بشروط تعجيزية. وتتفاقم المشكلة حيث أنّ البنوك تفرق بين الأشخاص من ذوي الإعاقة وبين الأشخاص الطبيعيين من حيث الفائدة على المبلغ الذي تسترجعه البنوك من الأشخاص المقترضين. ذلك عندما يقوم أحد الاشخاص من ذوي الإعاقه باقتراض مبلغ قدره 5000 دولار، عليه أن يعيده إلى البنك بقيمة 8500 دولار أي بزيادة 3500 دولار. فيما يدفع الشخص الطبيعي من غير ذوي الإعاقة مبلغ قدره 6000 دولار فقط، وهي تشمل الفائدة والتأمين. كما أنّ الزيادة التي يدفعها الأشخاص من ذوي الإعاقة الى البنك تصل الى 75% مقارنة مع غيرهم من الأشخاص الذين لا يعانون إعاقة. كذلك من شروط البنوك لكي تمنح قروض، أن يحوز طالب القرض بوليصة تأمين على الحياة. ففي حين لا تمنح أكثرية شركات التأمين لذوي الإعاقة مثل هذه البوليصة، إذ ترفض تغطية الإعاقات الموجودة لدى ذوي الإعاقة إلّا في حال تعرّض العميل لإعاقة لاحقة. وفي بعض الاحيان، إذا جرى قبول تأمين الحياة من قبل شركات التأمين لشخص من ذوي الإعاقة، فإنها تستثني الإعاقة الموجودة لديه أصلاً وكل ما يتعلّق بها.
في حديث نشر على موقع (الأخبار) الإلكتروني لرئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً “سيلفانا اللقيس” قالت فيه ” إنّ إتحاد المعوقين أجرى دراسة لسوق التأمين وتوصّل إلى نتيجة غير مرضية بأن شركات التأمين لا تقدّم تأميناً على حياة المعوّقين” لذلك، قرر الاتحاد برئاسة اللقيس التواصل مع المؤسسات والبنوك المانحة للقروض لإقناعها بتخفيف شروطها تجاه ذوي الإعاقة، حيث لفتت إلى أنّ القروض الشخصيّة لهذه الفئة من الأشخاص “تعدّ ترفاً لذوي الاحتياجات لأنّ نسبة البطالة مرتفعة بينهم ولا توظيف أو تثبيت لهم ولا توطين للأجور”. كذلك أنّ التعقيدات في البنوك كثيرة ولا تقتصر على غياب التجهيزات المخصصة لذوي الإعاقة، بل أن المعاناة تمتد للأشخاص المكفوفين في فتح حساب خاص بهم، كما أن الصمّ كانوا يواجهون الكثير من المشاكل أيضاً هذا من جانب الحسابات والقروض الشخصية لذوي الإعاقة. ومن جانب اخر، في ما يتعلق بالقروض السكنيّة التي صدر تعميم بتسهيلها للأشخاص المتزوجين، فإنّ البنك يطلب تقريراً من الطبيب الشرعي يبيّن أنّ الإعاقة لفئة هؤلاء الأشخاص ليست مميتة لإعطائهم موافقة قرض السكن.
والواقع يتعارض مع ما نصّه القانون اللبناني فيما يتعلق بموضوع الإقتراض للأشخاص ذوي الإعاقة. فالقانون رقم 220/2000 بمادته رقم 58، ينصّ على ضرورة تسهيل القروض لحاملي بطاقة معوق وذلك من أجل مساعدته على إيجاد مسكن. ومع ذلك، فالقانون لم يتطرأ أكثر الى ذكر الاجراءات الملائمة لضمان حقوق ذوي الإعاقة في الإقتراض، بل اختصر كل الموضوع بمادة واحدة. وعليه لا يكون القانون مراعي بشكل شامل لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي نظرة أثقب، نجد أنّ القانون اللبناني لا يتجانس مع مواد الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي تكفل المساواة للجميع على مختلف الأصعدة. وحيث أنّ المادة (12) والمتعلقة بالإعتـراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع آخرين أمام القانون في كل دولة مصادقة على هذه الإتفاقية والتي تنص على “تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة لتوفير إمكانية حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الدعم الذي قد يتطلبونه أثناء ممارسة أهليتهم القانونية، رهناً بأحكام هذه المادة، تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة والفعالة لضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة، على أساس المساواة، في ملكية أو وراثة الممتلكات وإدارة شؤونهم المالية وإمكانية حصولهم، مساواة بغيرهم، على القروض المصرفية والرهون وغيرها من أشكال الائتمان المالي، وتضمن عدم حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل تعسفي من ممتلكاتهم.”
اذاً، حسب الماده (12) من الاتفاقية، يحق للأشخاص من ذوي الإعاقه ممن تكون له أهليه قانونية الحصول على قروض مساواة بغيرهم من الأشخاص الطبيعيين، تسهيلاً لحياتهم وأمورهم الخاصة. إلّا أنّ ما يحصل، كما قلنا سابقاً، توجد هنالك عراقيل كثيرة بهذا الخصوص. كما أنّ عدم مصادقة لبنان على هذه الإتفاقية يؤدي إلى عدم إلتزام البنوك والمؤسسات بقوانين أو قرارات الدولة التي من شأنها تسهيل عملية الإقتراض لهذه الفئة. لذلك للمصادقة على هذه الإتفاقية أهمية بالغة في الاهتمام والمساواة التي تمنحها لذوي الإعاقة.
الحق في الإقتراض ممنوع على الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان
