ألين، الطفلة البالغة من العمر عشر سنوات التي تجلس على كرسي متحرك، حُرمت من الدراسة بعد أن منعتها المدرسة من التسجيل بحجة أنّ الكرسي المتحرك ممنوع في المدرسة. فأصبحت ألين جليسة المنزل حيث تقوم أختها الكبيرة بتدريسها بما تقدر عليه. والآن ألين تقضي معظم وقتها ترسم رافضةً الذهاب مع أهلها الى أي مدرسة أخرى بعد إدراكها أنّ مدرستها قد رفضت تسجيلها بعد تعرضها لحادث سير وإصابتها نتيجةً لذلك بشلل في رجليها. وعند سؤالنا الأب عن سبب عدم قيامه بتسجيل ابنته بمدارس خاصة بذوي الإعاقة، كان ردّه أنهم غير قادرين على تكبد الرسوم والأقساط المرتفعة في المدارس الخاصة بذوي الإعاقة. وهنا تكمن المعضلة حيث أنّ بعض العائلات هي من تتحمل تكاليف المدارس الخاصة. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنّ بعض المدارس الأخرى ترفضهم بسبب إعاقتهم، وبحجة أنّ هذه المدارس غير مجهزة لهم من جانب آخر. وأوضح لنا الأب أنّه حاول تسجيل ألين في مدرسة رسمية، لكن كل المدارس الرسمية القريبة من المنزل لا مانع لديها بالتسجيل ولكن لم يعد هناك أي مقاعد دراسية. وهكذا بقيت ألين هذه السنه دون أي مقعد دراسي يستقبلها. ورغم أنّ الأب أوضح أنّ هذه المدارس الرسمية ناشدت وزارة التربية والتعليم العالي بتجهيزها بشكل أفضل وأوسع لاستقبال عدد أكبر من ذوي الإعاقه، لكن وكالعادة لم يكن هناك أي أجوبة أو موافقات من قبل الوزارة.
وهنا لا بد من الإشارة أنّ القانون اللبناني رقم 220/2000 وفي مادته الستين ينص على أنّه “لا تشكل الإعاقة بحد ذاتها عائقاً دون طلب الإنتساب أو الدخول الى أية مؤسسة تربوية أو تعليمية، رسمية أو خاصة، من أي نوع كانت. ويعتبر بحكم الملغى كل نص يتشرط لأي طلب إنتساب أو دخول إلى أي مؤسسة تربوية تعليمية، رسمية أو خاصة من أي نوع كانت، سلامة البنية أو الجسد أو عدم الإصابة بإعاقة أو عاهة أو ما شابه ذلك من التعابير والألفاظ.” وعليه فإنّ ما حصل مع ألين غير قانوني وغير مقبول بأي شكل من الأشكال. وهنا تبرز أهمية أن تلعب دورها الدولة في كونها الراعيه لهذه الفئة ومن واجبها أن توفر لهم ما أقل حقوقهم خاصه في مجال التعليم أو على الأقل أن تتكفل بدفع تكاليف المدارس المخصصة لذوي الاعاقة أو أن تفتح مدارس رسمية أكثر ومجهزة بكل ما يخدم هذه الفئة.
إذاً لكل طفل على اختلاف أعمارهم الحق في التعلم، ومن واجبات الدولة والمدارس الرسمية والخاصة توفير كل ما يلزم لكي يباشر التلاميذ ممارسة حقهم في التعلم، خاصه للطلاب من ذوي الإعاقة ممن هم قادرين على مباشرة حقهم في التعلم. لكن وللأسف يواجه الكثير من الأطفال وبكل الفئات العمرية عدم قبول تسجيلهم في المدارس سواء المدارس التابعة لدولة أو تلك الخاصة، مما يصل الأمر بأهالي هؤلاء الأولاد إلى وضع أولادهم في مؤسسات أو جمعيات لا يطلب منها عادة توفير التعليم لهم. كما ويعاني أغلب الأهل أحياناً عندما يكون ابنهم مسجل في المدرسة، ويطلب مدير المدرسة أو المدرسين من الأهل بنقل أبنائهم من ذوي الإعاقة وإيداعه في مدارس لذوي الإعاقة، قاتلين بذلك طموح كل الأولاد ممن يريدون التعلم وكبت مواهبهم على غرار الأولاد الآخرين في أعمارهم. إلاّ أنّ القسم الأكبر من هذه المدارس الرافضة لذوي الإعاقة تبتز الأهالي بطلب مبالغ تفوق الأقساط التي يدفعها الطلاب العاديين. هذا ومن المعروف أنّ أقساط المدارس الخاصة لذوي الإعاقة تحتاج إلى دفع رسوم مالية كبيرة لا يستطيع أغلب الأهالي دفعها مما يدفعهم إلى إجبار أولادهم على الجلوس في المنزل. ونتيجةً، يتم إمّا تعليمهم أحياناً من قبل الأهل ممن يملك القدرة على ذلك أو تركهم بدون تعليم.
وتنص المادة (24) من إتفاقية حقوق ذوي الإعاقة على الحق في منح التعليم لكل شخص من هذه الفئه ولإعمال هذا الحق دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص، حيث يجب أن تكفل الدول الأطراف نظاماً تعليمياً جامعاً على جميع المستويات وتعلماً مدى الحياة موجهين نحو ما يلي: أولاً، “عدم استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من النظام التعليمي العام على أساس الإعاقة، وعدم استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم الإبتدائي أو الثانوي المجاني والإلزامي على أساس الإعاقة”. وثانيا، “تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول على التعليم المجاني الإبتدائي والثانوي، الجيد والجامع، على قدم المساواة مع الآخرين في المجتمعات التي يعيشون فيها”. وفي قصة ألين، ما حدث لها يخالف نصوص الإتفاقية الخاصة بحقوق ذوي الإعاقة من الراغبين في التعلم. وإنّ واقع عدم مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية لا يلزم الدولة ولا المدارس الخاصة منها والحكومية من استقبال هؤلاء الأطفال وردعهم عند مخالفة الإتفاقية. لذا لو صادقت الدولة اللبنانية على الإتفاقية لكانت حلّت الكثير من المشاكل التي يعاني منها ذوي الإعاقة على غرار أولاد في أعمارهم في البلد.
طفلة حُرمت من مقعد دراسي بسبب كرسيها المتحرك … التعليم الدامج ضرورة وطنية
