الكثير من النساء والفتيات مهمشات من قبل الأسرة (الصورة لمروان طحطح)
تتعرض النساء ذوات الإعاقة لأشكال متعددة من العنف حيث أكدّت الخبيرة الأممية لحقوق الانسان عام 2017 أنّ العنف ضد النساء والفتيات من ذوات الإعاقة هنّ في خطر أعلى لأن يصبحن ضحايا للعنف المنزلي والمجتمعي بالمقارنة مع النساء غير المعوقات. ومن المرجح أن يتعرضن للإيذاء أو الإعتداء أو التحرش الجنسي على مدى فترات طويلة من الزمن، وأن يعانين من إصابات لأعمال العنف في السياقات المؤسسية. فالإعاقة الجسدية أو الذهنية تشكل عبئاً ثقيلاً على المرأة اللبنانية وعائلتها سواء أكانت متزوجه وأُصيبت بإعاقه أم كانت من ذوات الإعاقة منذ الولادة. فتأثر الإعاقه على سير حياتها الطبيعية في التعليم والعمل والزواج وبناء العائلة، كذلك تبقى أسيرة حاجات يجب أن تتوفر لها ومرتبطة بالظروف العائلية سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية .فالمرأة في وضعية الإعاقة تعيش تحديات وتواجه صعوبات أكثر من الرجل في المجتمع اللبناني الذي ينظر إليها نظرة دونية وليس نظرة انسانية. ونجد أنّ الكثير من النساء والفتيات مهمشات من قبل الأسرة حيث يطلب منها في أغلب الأحيان أن تقوم بخدمة نفسها والقيام بحاجاتها، إضافة إلى أنّ الأهل ينكرون وجودهن لإحساسهم بالحرج من وجودهن في المحافل الإجتماعية.
ولا شكّ فيه أنّ النساء من ذوات الإعاقة هنّ أكثر عرضة للإستغلال الجنسي والتحرش من الرجل والتي قد تصل الى حد التعرض للتحرش من قبل الإخوة والأقارب. وفي بعض الاحيان قد يدفع ضعفاء النفوس وعديمي الأخلاق والرحمة ببعض الفتيات إلى التفكير بالإنتحار أو الدخول في حالة إكتئاب شديد أو غيرها من العوارض التي قد تعرض حياتهن إلى الخطر.
وروت أحد الفتيات (س. ح.) ، من سكنة بيروت والتي لا يتجاوز عمرها الستة عشر عام، أنّها تعاني من إعاقة حركية في كلتا رجليها. وأكملت مدليةً أنّه، “في كل مرة أتواجد فيها في المطبخ لوحدي أو في غرفتي، يأتي أخي الذي يكبرني بعامين ويتحرش بي لفظياً من خلال القول أنّ ملابسي جميلة وضيقة وكثيراً ما يحاول ملامسة جسدي عن طريق المزح وكذلك يمسك جسدي عندما أكون نائمة، وعرفنا بأنّ أخي يشاهد الافلام الإباحية وأصبح يتجرأ أكثر على لمسي لكونه يعرف بأنني لدي عجز وأنّي لا أستطيع التحدث إلى أهلي في هذا الموضوع”. وأكملت أنها حاولت صدّه في كثير من الأحيان إلى أن جاء الوقت وصرخت لتسمع أمها التي هرعت نحوها. وعندئذٍ شرحت لها كل ما كان يحدث ولكنه نكر أفعاله قائلاً أنّها انسانة غير طبيعية ولا يمكن أن تجذب أي أحد. هذه حالة واحدة من بين آلاف الحالات التي تتعرض لها النساء ذوات الإعاقه الجسدية.
أمّا فيما يخص النساء والفتيات ممن يعانون إعاقات ذهنية، فهنا تكمن المشكلة باستغلال هذه الفتيات مع عدم قدرتهن على البوح بمثل هكذا أفعال. لذا فإنّ حالات الإغتصاب أو التحرش التي تعرضت لها بعض النساء من ذوات الإعاقة الذهنيه، نتج عنها حالات حمل وإنجاب. فإنّ يتعلق بالنساء المصابات بإعاقة ذهنية لا يمكنهن التمييز بين الخطأ والصح، وكثيرا ما يتم التستر على هذا الموضوع من قبل الأهل وحدثت أكثر من مرة في مناطق ريفية. وهذا ما أكدته الدكتورة مها الراوي، اخصائية الطب النفسي، بأنّ الكثير من النساء اللاتي يعانين من إعاقة ذهنيّة يتعرّضن لاعتداءات جنسيّة متكررة. كما أنّ الكثير من الأسر لا تعلم أن بناتها ذوات الإعاقة الذهنية يتعرضن لاعتداءات جنسية، وهذا ما دفع الكتوره مها للقول أنّ أهالي الفتيات هؤلاء غير معفيون من المسؤولية عن بناتهم، لأنهم يعلمون أنّ بناتهم لا يستطعن الدفاع عن أنفسهن، والأخطر أنهن لا يملكن القدرة على التفرقة بين العناية والتحرش، بل على العكس يملن إلى من يحنو عليهن. حيث أنّ بعض الأسر ترتكب آثاماً مضاعفةً في حق بناتها من ذوات الإعاقة عندما تحرمهن من العطف والود بدعوى أنهن يمثلن عبئاً إضافياً عليها، لهذا تنجذب الفتيات ممّن يصلن سن البلوغ إلى أي شخص يبدي نحوهن مشاعر العطف والمودة.
ولتجنب أغلب المشاكل التي يتعرض لها ذوي الإعاقة وخاصة مشاكل العنف المجتمعية والأسرية هي أن يكون موقف حازم وجدي للدولة من خلال مرحلتين. الأولى على دولة لبنان القيام بالتصديق على الاتفاقية حقوق ذوي الإعاقة وخاصةً أنّها تنص في المادة الستة عشر الخاصة بالعنف والاستغلال والاعتداء، “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، داخل منازلهم وخارجها على السواء، من جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء، بما في ذلك جوانبها القائمة على نوع الجنس”. أمّا المرحلة الثانية، فلا بد من وضع إجراءات وقوانين رادعة لكل شخص يستغل أو يعتدي على هذه الفئة سواء عنف أسري أو عنف مجتمعي ولا سيّما عبر تشديد العقوبة على المعتدي، وبذلك تتحقق العدالة والمساواة وعدم التمييز ضد هذه الفئة المحرومة من أغلب حقوقها في المجتمع اللبناني.