لا يزال لبنان من أكثر الدول إجحافاً لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا سيّما المقعدين منهم، مقارنةّ بسواه من دول المنطقة العربية. وعلى الرغم من وجود عدد من الجمعيات والمنظمات التي تسعى بكل قواها وإمكانياتها للضغط على الحكومات لتنفيذ القوانين والقرارات الراعية لحقوق ذوي الإعاقة، إضافة الى تأمين بعض الحاجيات والأدوات المساهمة باندماجهم في المجتمع، إلّا أنّ الوضع لا يزال مسيئاً ومذلّ لفئة من المجتمع قد تشكل 10% من نسبة السكان.
منتدى المقعدين، جمعية في قضاء زحلة- البقاع، تعمل جاهدة بالتعاون مع الأهالي والجهات المحلية على تفعيل دور المقعدين في المنطقة والمطالبة بحقوقهم. وقد انطلق المنتدى رسمياً عام 2006 لكن نشاطه وعمله ازداد عملياً منذ 4 سنوات تقريباً. يشارك المنتدى في عدد من النشاطات ويدعم مشاركة المقعدين فيها ضمن نطاق المنطقة، كذلك يقيم المنتدى بنفسه عدداً من الأعمال والدورات التي تستهدف المقعدين والتي تشمل معارض الشمع، معارض الغرافيتي والرسم، محاضرات توعية وتدريبية وغيرها من النشاطات. وللسنة الثانية على التوالي، شارك المنتدى في مهرجان الزهور الذي يقام سنوياً في منطقة زحلة وفاز بالمرتبة الأولى ضمن خانة أفضل عربة زهور أقيمت لهذه الغاية.
“هذه النشاطات وسواها تظهر الكفاءة والمقدرة التي يمتلكها المقعدين على الرغم من اعاقتهم الجسدية في حال أتيحت لهم الفرصة للإندماج والمشاركة الفاعلة في المجتمع” – يقول نبيل ويتابع – “لكن الضغوطات كبيرة علينا والإعاقة الحقيقية تكمن في القوانين والمراسيم التي تمنع وتحدّ من تفعيل دورنا بشكل طبيعي كأي شخص آخر.” فيعتبر نبيل الغربي، وهو أحد أعضاء المنتدى، ومن منظور شخصي أنّ منطقة زحلة تعتبر الأفضل على صعيد تأمين حقوق المقعدين واندماجهم اذا ما قورنت ببقية مناطق المحافظة، إلّا أنّها تبقى سيئة جداً ومجحفة لناحية تطبيقها للقوانين والشرع الدولية المرعية.
تعاون المنتدى مع منظمة Medair الدولية، خلال الأشهر الماضية، لتأهيل وتجهيز بيوت وأماكن عمل عدة لتتلاءم وحاجات المقعدين في زحلة. يشرح نبيل معتبراً أنّ المشكلة الأساسية تكمن في رفض البلديات المحلّية والإدارات الرسمية العمل على تأهيل مراكزهم وإداراتهم كي تسمح للمقعدين منهم الوصول إليها وتنفيذ معاملاتهم بشكل طبيعي.
المشكلة الثانية التي يعاني منها نبيل وسواه في لبنان عامة وزحلة خصوصاً هي صعوبة استعمال وسائل النقل في لبنان. فالآليات والمركبات في لبنان ليست مجهّزة على الإطلاق لكي تقلّ الأشخاص المقعدين منهم بشكل آمن ومريح.
وعلى صعيد العمل، يعتبر نبيل أنّ معظم المؤسسات والمراكز في زحلة تتحاشى توظيف أشخاص من ذوي الإعاقة أو المقعدين، حتى ولو كانوا يملكون الكفاءة الأكاديمية لذلك. ويعزي نبيل السبب في ذلك إلى أمرين: أولاً، إنّ مكان العمل بحد ذاته غير مجهز هندسياً وتقنياً ليساعد المقعد في ممارسة عمله بشكل طبيعي. أما ثانياً، فهو خوف وقلق صاحب العمل من عدم او انخفاض الإنتاجية لدى مؤسسته.
يشير نبيل أيضاً، في هذا السياق، إلى أنّ بلدية زحلة قد وعدت الأهالي بأن تضع كوتا معينة سنوياً لناحية توظيف الأشخاص المقعدين ضمن نطاقها الجغرافي، إلّا ان الأمر لم يحصل حتى الساعة.
ولدى سؤال نبيل عن رأيه باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والنتائج المتوقعة في حال تمت المصادقة عليها، يجيب بأنها بادرة خير لكنه شخصياً لا يعوّل على أي تغيير أو تحسن في هذا الشأن طالما ان الطبقة السياسية الحاكمة لم تتغير. ويضيف أنّ هناك العديد من الاتفاقيات والمعاهدات موقّعة من قبل لبنان لكنه لا يلتزم بها.
في المحصلة، زحلة كسواها من المناطق اللبنانية التي لا يزال المواطن ذو الإعاقة يشعر فيها بالتهميش والإجحاف في اعطاءه أبسط حقوقه وإسداء الواجبات إليه؛ لذلك، تكمن الخطوة الأولى في هذا المجال بالضغط باتجاه الموافقة والمصادقة اللبنانية على الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري لعلّ وعسى أن يكتمل هذا الإنجاز بنجاح تطبيقها والإلتزام بها على صعيد لبنان كاملاً.
الأشخاص ذوي الإعاقة في زحلة … بين واقع المجتمع والدولة
