ما زال عدم ابرام لبنان للاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة من بالرغم من انه كان اول الموقعين عليها الشغل الشاغل للمهتمين بهذا الشأن. وهم يسعون جهدهم لوضعها موضع التنفيذ، محاولين تخطي الاسباب السياسة التي تحول حتى الان دون ابرامها.وهم لايألون جهدا في شرح اهميتها وضرروتها للاشخاص ذوي الاعاقة في لبنان كونها تعطيهم الحق الكامل في المساواة مع الاخرين في كافة شؤون الحياة . حول هذا الموضوع كان هذا اللقاء مع الدكتور موسى شرف الدين رئيس مركز “اعداد” لرعاية الاشخاص ذوي الاعاقة. واحد ابرز المتابعين لملف الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
ما هي المراحل التي مرت بها الاتفاقية الدولية قبل صدورها بالشكل الحالي؟
الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وثيقة اقرتها الامم المتحدة، وهي شملت معظم المعاهدات الدولية بخصوص حقوق الانسان وما تبعها من حقوق اقتصادية واجتماعية وحقوق الطفل وحقوق المرأة بعدم التمييز بين الجنسين. كل هذه الاتفاقيات الدولية شملتها الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة. قبل هذه الاتفاقية كان هناك عدة اتفاقيات الدولية خاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة،ولكن هذه الاتفاقيات لم تؤدي غرضها لجهة تمتع الاشخاص ذوي الاعاقة بحقوقهم الانسانية من كافة الجوانب. مما استدعى بعض الدول العضو في الامم المتحدة الى التداعي بمبادرة من المكسيك من اجل وضع اتفاقية خاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة تشمل كافة حقوقهم الانسانية، وذلك في العام 2002. وبعد سلسلة اجتماعات صدرت الاتفاقية وهي الاتفاقية الدولية الاقصر مدة في تاريخ الامم المتحدة من حيث دراسة بنودها واقرارها.وكان لافتا حضور اشخاص من ذوي الاعاقة من عدة دول الاجتماعات والمناقشات الامر الذي اعتبر تغيرا جوهريا في كيفية عمل الامم المتحدة في اقرار الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.وبعد مناقشات مستفيضة استمرت حوالي ثلاث سنوات شارك فيها بالاضافة الى حكومات الدول وممثلين عن القطاع الاهلي والاشخاص ذوي الاعاقة صدرت الاتفاقية الدولية وبروتكولها الاختياري، وذلك في 13 كانون اول عام 2006. وهي تعطي الاشخاص ذوي الاعاقة الحق في التمتع في كافة امور الحياة ومنها الحق بالتعليم وبالرعاية الصحية والعمل وغيرها من امور الحياة الاساسية من دون وسيط او رعاية من احد.وفي عام 2007 جرت المصادقة على الاتفاقية من معظم الدول التي وقعت عليها.
ماذا بالنسبة للدول العربية؟
تونس والاردن والجزائر هي اول الدول العربية التي صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.وبعد ذلك قامت دول عربية اخرى بالتصديق عليه،ولكن بالرغم من ذلك سجلت مفارقة كبيرة في كيفية تعامل معظم الدول العربية التي ابرمت الاتفاقية مع نصوص هذه الاتفاقية. فالنصوص شيئ والتطبيق شيئ اخر.
كيف ذلك؟
من المعروف ان الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة،وبعد ابرامها تتحول الى تشريعات ملزمة في دساتير الدول التي صادقت عليها،وهي تنفي كل التشريعات والقوانيين التي لاتتوافق مع احكامها.لكن في معظم الدول العربية النص شيئ والتطبيق شيئ اخر. وتجدر الاشارة هنا الى الجهود التي بذلتها “الشيخة “حصة الى ثاني” مندوبة امير قطر الى الامم المتحدة لشؤون الاعاقة باقناع عدد من مندوبي الدول العربية في الامم المتحدة بالتصويت على الاتفاقية،والذين ابدوا تحفظهم عليها بسبب البند المتعلق بالاهلية القانونية.والبند المتعلق بحقوق المرأة. اي انه بنظر هؤلاء. ان الاشخاص ذوي الاعاقة لهم الحق بالتلقي فقط وليس بالاداء.
ماهي اهمية البروتكولات الاختيارية التي صدرت مع الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة؟
اهمية هذه البروتكولات كثيرة ومتعددة لعل ابرزها انها تعطي الاشخاص ذوي الاعاقة الحق في التظلم بحيث اصبح لهم الحق في رفع الدعاوى مباشرة بحق كل من ينتهك حقوقهم المادية والمعنوية. اي ان هناك اعترف بحقهم بالاهلية القانونية وهذا امر لم تذكره الاتفاقيات الدولية التي اقرت من قبل.
من المهم الاشارة هنا انه وبحسب الاتفاقية فانه يتوجب على البلدان التي قامت بالتصديق على الاتفاقية ان تقوم بتشكيل لجنة وطنية مهمتها متابعة تنفيذ بنود الاتفاقية.وان تقوم بتحرير تقارير سنوية حول مدى التزام هذه الدول او تلك ببنود الاتفاقية وارسالها الى اللجنة العليا الدولية المكلفة متابعة تنفيذ الاتفاقية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.وهي لجنة تابعة للامم المتحدة ومنتخبة من الدول التي هي اطراف في الاتفاقية، وهذه اللجنة جرى ترؤوسها من قبل اشخاص عرب اكثر من مرة اذكر منهم “محمد الطروانة وعماد الدين شاكر بالاضافة الى التقرير السنوي التي تعده حكومات الدول المنضوية في الاتفاقية هناك ايضا التقرير الموازي.
والذي تقوم باعداده الجمعيات الخاصة بالاشخاص ذوي الاعاقة،والاشخاص ذوي الاعاقة انفسهم بالاضافة الى المجتمع المدني..وهو يتضمن تظلمات الاشخاص ذوي الاعاقة لجهة عدم وصولهم الى حقوقهم والانتهاكات التي تمارس بحقهم.وهنا لابد من تسجيل مفارقة وهي ان التقرير الموازي هذا يتم ارساله الى حكومات الدول الاطراف في الاتفاقية الدولية والتي تقوم بارسال نسخة عنه اللجنة الدولية العليا لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة. في حين يفترض ارساله الى اللجنة الدولية مباشرة.بالنسبة للدول العربية فان التقارير الحكومية هي دائما بهية وجميلة اما التقارير الموازية فانها دائما تتناقض مع التقارير الحكومية.
ماذا عن لبنان؟
لبنان غير ملزم حتى الان بهذه الاتفاقية كونه لم يقم بابرامها، ولكن هنا يجب الانتباه لى انه ومع توقيع الدول على الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة يصبح لزاما عليها عدم اتخاذ اي اجراء يتنافى مع احكام هذه الاتفاقيات حتى ولو لم تقم بابرامها.
كما هو معروف ان عدم ابرام للاتفاقية حتى الان يعود لأسباب سياسية تتعلق بالمرحلة التي سبقت اتفاق الدوحة،ولكن مع مجيئ الرئيس ميشال سليمان الى الحكم عام 2008 حاول اصدار 62 مشروع قانون ومن بينهم الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة بمراسيم جمهورية.بعد ان كان المجلس النيابي قد رفض استقبال هذه القوانيين في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بحجة ان الحكومة لم تعد حكومة مثياقية.بعد ان استقال منها عدد من الوزراء يمثلون طائفة اساسية من طوائف لبنان.وبعد ضغط من الجمعيات الاهلية والجمعيات التي لها علاقة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والاشخاص ذوي الاعاقة انفسهم تم وضع الاتفاقية الدولية هذه على جدول اعمال الهيئة العامة لاحد الجلسات النيابية.ولكن الذي حدث يومها ان خلافا نشب بين النواب حول تخفيض سعر المحروقات.كان من نتيجته ان طارت الجلسة وطار معها مشروع اقرار الاتفاقية الدولية لحقوق للاشخاص ذوي الاعاقة والذي مازال طائرا حتى اللحظة.الاتفاقية موضوع حديثنا هي الان نائمة في ادراج مجلس النواب ونحن عملنا ومازلنا نعمل مع عقيلة رئيس مجلس النواب السيدة رندة بري على اقرارها الاتفاقية من خلال ايجاد صيغة تضمن تمريرها في مجلس النواب.
بالعودة الى الاتفاقية نفسها نجد ان البند الثاني عشر ربما يكون يكون الابرز والاهم في هذه الاتفاقية هل توافقني على هذا الرأي وهذا امر مهم جدا للاشخاص ذوي الاعاقة في العالم ولبنان من ضمنهم طبعا هل توافقني الراي في ذلك؟ بالنسبة للبند الثاني عشر هو يتحدث عن الاهلية القانونية اي ان يكون الشخص المعوق متساويا مع الاخرين في الحقوق،وفي ممارسة حياته المدنية كاملة.اي ان له الحق في الزواج والعمل والشهادة في المحكمة،والمثول امام الجهات القضائية وان يتملك عقارات وان ينشئ عملا خاصا به وغيرها من الامور دون وسيط او رعاية من احد.وهناك ايضا امر مهم في الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وهو انها شملت في احكامها المرضى العقليين والنفسيين وهذا لم يكون موجودا من قبل.