شكلت الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة نقلة نوعية في مقاربة القضية المتصلة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وذلك بالابتعاد عن المفهوم الرعائي، والانتقال الى المفهوم الحقوقي. كان لبنان من اول الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية الا انه لم يصدق عليها حتى الان مما ابقى وضع الاشخاص ذوي الاعاقة كما هو قبل صدور الاتفاقية. حول هذا الموضوع تتحدث المحامية والناشطة الحقوقية سوزان هاشم.
هل عدم التصديق على الاتفاقية يشكل تغافلا عن حقوق شريحة هامة من المواطنين والمقيمين في لبنان؟
من المؤسف جدا ان يقوم لبنان بالتوقيع على الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ولا يصدق عليها، الامر الذي يعتبر سلبيا على اكثر من صعيد وخاصة امام المجتمع الدولي. واكثر الامور سلبية في هذا المجال هو فقدان الدعم الذي يمكن ان نحصل عليه من منظمات دولية عدة لمساعدة هذه الفئة من الناس. اذ هناك كثير من الجهات المانحة ترفض المساعدة قبل ان يتم التصديق على الاتفاقية، من منطلق اننا لو كنا جديين في التعامل مع هذا الملف لكنا ذهبنا الى تصديق الاتفاقية. والاهم من قضية الدعم المادي ان عدم تصديق هذه الاتفاقية يحرم هذه الفئة من المجتمع من الكثير من الحقوق. صحيح انه يوجد عندنا القانون رقم 220/2000 الخاص بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والتي لم تصدر غالبية مراسيمه التطبيقية حتى الان. ولكن هذا القانون تبين بعد التدقيق انه غير كاف ولا يغطي متتطلبات هذه الفئة من الناس كونه قانون رعائي اكثر منه قانون حقوقي. اضافة الى ذلك اثبتت التجارب ان هذا القانون يحتاج الى المراجعة والتطوير من اجل مواكبة المستجدات، وهذا ما لم يحدث بالنسبة للقانون رقم 220. الذي لم يدخل عليه اي تحديث او تطوير منذ صدوره حتى اليوم. ودائما هناك حجة جاهزة عند الدولة اللبنانية لعدم القيام بواجباتها وهي عدم توفر المال الكافي.
ما هي اهم الامور التي يجب تسليط الضوء عليها في قضية الاشخاص ذوي الاعاقة في لبنان؟
عملية دمج هذه الفئة في المجتمع، والمذكورة في الاتفاقية الدولية بالاشخاص ذوي الاعاقة. وهذا يتتطلب القيام بعدة امور من اجل تؤتي عملية الدمج ثمارها المرجوة. مثل التسهيلات الهندسية التي تضمن لهم وصولا سهلا ومريحا الى مراكز اعمالهم والجامعات والمدراس والادارات الاعامة وغيرها من الامكنة. هناك في كل دول العالم نستطيع ان نجد اليوم ان معظم المباني اصبحت مجهزة للاستخدام من قبل ذوي الاشخاص ذووي الاعاقة. الامر الذي لم يتوفر عندنا حتى الان. وبالعودة الى الاتفاقية الدولية نجد انها انها تحدثت عن اعاقات من صنع المجتمع يجب ازالتها. ونحن في لبنان نسهم كل يوم بخلق حواجز اضافية امام دمج هذه الفئة في المجتمع وذلك من خلال تراخينا في ابرام الاتفاقية الدولية واصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بالقانون 220/2000.
ما هي مشكلة القانون رقم 220 ؟
غير واضح لجهة تحديد المصطلحات المتعلقة بهذه الفئة من المجتمع، كما انه لا يتحدث بطريقة جدية عن كيفية دمجهم بالمجتمع. كما انه لا يشير الى ضرروة وجود دور توعوي في المجتمع من اجل تقبل هذه الفئة من الاشخاص. كما ان النسبة التي تحدث عنها لتوظيف الاشخاص ذوي الاعاقة في الادارات العامة والخاصة هي قليلة قياسا الى عددهم. وتجدر الاشارة الى ان اكثر من سبعين بالمئة من الاشخاص ذوي الاعاقة في لبنان هم عاطلون عن العمل وهذه مشكلة كبرى. لذلك يجب ان يكون هناك حملات توعية تشمل المدرارس والجامعات واماكن العمل والنوادي والجمعيات.وهنا لا بد من دعم الجمعيات والمجتمع المدني، والتشديد على دور وسائل الاعلام من اجل القيام بهذه المهمة. ويجب ان يكون شعارنا هنا ان الاعاقة هي جزء من الطبيعة البشرية ونوع من انواع التنوع البشري. من المهم جدا ان نعرف ان حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الانسان. وانه لا يجوز للبنان الاستمرار في تهميش هذه القضية.
ماذا يعني استمرار لبنان في عدم تصديق الاتفاقية الدولية؟
التصديق على الاتفاقية الدولية يجب ان يتم سريعا. لقد اصبح عمر الاتفاقية احدى عشر عاما فهل يجب ان نبقى متخلفين عن مواكبة عن هذا الاستحقاق الحقوقي والاجتماعي والانساني. يجب ان الا ننسى ان هناك تقارير تصدر بشكل دوري، وهي تشير الى عدم ابرام الاتفاقية حتى الان من قبل لبنان مما يشكل نقطة سوداء في سجله في مجلس حقوق الانسان العالمي والمحافل الدولية كافة. تبلغ نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان حوالي 15% من عدد سكانه، كما ان لبنان من البلدان المعرضة دائما للحروب بكل اسف. لذلك يجب ان نعطي هذا الموضوع الاهمية التي تستحق والعمل على دمج هذه الفئة بالمجتمع اذ لا يجوز ان نظل محرومين من ابداعات هذه الفئة وطاقاتها والتي اثبتت تفوقها في اكثر من مجال.