رغم تلقي اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة دعما قويا وواسع النطاق من المجتمع الدولي الذي رحب باعتمادها باعتبارها تعتبر دعما لحقوق الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في العيش بكرامة وبعيدا عن الاستغلال والتهميش. فان لبنان لم يصادق على هذه الاتفاقية. رغم انقضاء مهلة المصادقة فان الامل ما زال موجودا في استفادة ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان من المزايا التي توفرها هذه الاتفاقية. حول هذا الموضوع كان لنا حوار مع المحامي الدكتور سلام عبد الصمد المتخصص في شؤون المعاهدات الدولية.
اين لبنان من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبرتوكولها الاختياري؟
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي معاهدة دولية لحقوق الانسان تابعة للامم المتحدة تهدف الى حماية حقوق وكرامة الاشخاص ذوي الاعاقة. توفر اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة معايير كافية لحماية الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للاشخاص ذوي الاعاقة على اساس الادماج والمساواة وعدم التمييز وتوضح الاتفاقية ان الاشخاص ذوي الاعاقة يحق لهم العيش المستقل في مجتمعاتهم المحلية وتحديد خياراتهم واداء فعال في المجتمع. هي تلزم الاطراف في الاتفاقية تعزيز وحماية وضمان التمتع الكامل بالمساواة بموجب القانون. بكل اسف مع ان لبنان وافق على هذه الاتفاقية الا انه لم يصادق عليها بسبب الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها. وهناك فارق كبير بين التوقيع والتصديق. التوقيع هو الخطوة التمهيدية التي تسبق التصديق.اي ان التوقيع هو بمثابة اعلان نوايا اما التصديق فهو يعني الالتزام وان الاتفاقية قد اصبحت جزء لا يتجزء من النظام القانوني للبلد.
ماذا عن المهلة الممنوحة للمصادقة على هذه الاتفاقية؟
اعتمد النص في عام 2006 وفتح باب التوقيع عليه في عام 2007 وينص القانون على انه بعد التوقيع على الاتفاقيات الدولية هناك مهلة تترواح بين ستة اشهر وسنتين من تاريخ التوقيع للمصادقة عليها. وفي حال انقضاء المهلة تصبح المصادقة متعذرة. وهنا يمكن مطالبة الدولة بالانضمام الى هذه الاتفاقية. والانضمام وهو موجود في معايير القانون الدولي يعطي الاتفاقية صفة الالزامية. وهناك نص دستوري يقول في حال اختلفت المعاهدة عن القانون تكون الاولوية لتطبيق المعاهدة ومن ثم للقانون.
هل للبنان مصلحة اساسية في الانضمام على هذه الاتفاقية؟
يوجد في لبنان ما يقارب مئة جمعية ومؤسسة عاملة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة ويصل عدد بطاقات الاعاقة التي تصدرها وزارة الشؤون الاجتماعية الى ما يزيد عن 67 الف بطاقة وتشير التقديرات الى وجود حوالي مئة وخمسون الف معوق في لبنان .هذه الاتفاقية عدا انها تؤمن للاشخاص المعوقين احترام كرامتهم الشخصية واستقلالهم الذاتي وعدم التمييز والمساواة بين الرجل والمرأة والاعتراف امام القانون والاهلية القانونية فانها تمنحهم دعما كبيرا من المجتمع الدولي في عدة مجالات اهمها مجالي التعليم والصحة. أضف الى ذلك فان مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية يعتبر دليل على التزام فعلي باطار لحقوق الانسان يتسم بانه شامل وعالمي. هذا من ناحية اما من اخرى فمن المؤسف القول ان الاتحاد الاوروبي بات ينظر الى لبنان الى حد ما نظرة دونية بسبب عدم مصادقته على هذه الاتفاقية . اذ كما هو معروف فانه لا يمكن مقاضاة لبنان امام المراجع المحلية او الدولية في حال لم يكن مصادقا على هذه الاتفاقية. والجدير ذكره هنا تم تأسيس تكتلا يضم خمسين جمعية حقوقية ومؤسسات خدماتية لدعم الاتفاقية الدولية الخاصة بذوي الإعاقة ودعم الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين والتي تضم اثنا عشر عضوا.
هل لك ان توضح لنا بعض الجوانب المتعلقة بالبروتوكول الاختياري للاتفاقية؟
بالنسبة للبروتوكول الاختياري للاتفاقية يجب القول اولا انه دخل حيز النفاذ في الوقت نفسه الذي دخلت فيه الاتفاقية حيز النفاذ. وهو يخول لجنة الخبراء صلاحيات اضافية واللجنة يمكنها قبول وبحث شكاوي الافراد. ويمكنها حيثما توجد ادلة على حدوث انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الانسان اجراء تحقيقات.
هل برايك ان الفوضى السياسية هي فقط التي تحول حتى الان من مصاقة لبنان على الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟
يوجد في لبنان انتهاكات خطيرة لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وبراي ان لبنان لا يريد ان يواجه اللجنة المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والمنصوص عنها في البروتكول الاختياري. وهي فريق مؤلف من ثمانية عشر خبيرا. وهي تشرف على الترويج للاتفاقية وتنفيذها. والخبراء ترشحهم البلدان ثم تنتخبهم الدول الاعضاء التي صدقت على الاتفاقية وجميع الدول ملزمة بتقديم تقارير بانتظام عن الكيفية التي يجري بها تنفيذ الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية في كل بلد من بلدانها. على لبنان ان يحترم كرامة ذوي الاحتياجات الخاصة وعدم التعامل معهم كمواطنيين درجة ثالثة او رابعة. ليس مقبولا التميز بين شخص واخر. اعطي مثلا على ذلك. كثيرا ما كنا نسأل هنا في لبنان عن سبب اجراء مقابلات شفهية للمتقدمين الى الوظائف العامة. السبب هو تجنب الاشخاص ذوي الإعاقة. في لبنان لا يوجد تكافئ للفرص. مثلا ل ايمكن اجراء مباريات للوظائف العام وتحديد الوقت لتقديم الطلبات واجراء الاختبارات تدون تامين الوسائل اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة التي تتيح لهم الوصول في الوقت المحدد مثلهم مثل الاشخاص الاصحاء. وهذا ما يسمى “بحق الولوج”. اي حق الوصول الى المرافق العامة او الخاصة بشكل متساوي مع الاشخاص الاصحاء بدنيا. ايضا يجب احترام حق المرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة ومساواتها بالرجل وهذا غير متوفر في لبنان بنسبة كبيرة جدا. وايضا يجب ان يكون هناك اعتراف امام القانون. لا شيئ يلزم الاشخاص سوى القانون .لذلك يجب ان يكون الاعتراف بحق ذوي الاحتياجات الخاصة من ضمن نص قانوني حتى نستطيع ان نحقق الالتزام. من دون نص قانوني يستند اليه القضاء في احكامه ليس هناك التزام او تعويض او مسؤولية وتصبح الامور استنسابية.
هل يمكن للمعنيين والمتضررين من عدم مصادقة لبنان على الاتفاقية المراجعة امام القضاء؟
طالما انه ليس لهذه الاتفاقية صفة الالزام فان الامل بالوصول الى نتيجة ايجابية يبقى ضعبفا.الامر هنا يعود الامر للقاضي والذي في حال خلص في مطالعته الى انه عملا بسامية المعاهدات الدولية وتفوقها على القانون اللبناني فانه يجب تطبيق المعاهدة. وانا شخصيا اشك في امكانية حصول هذا الامر لان القاضي ملزم بتطبيق القانون. والمعاهدات الدولية غير المصادق عليها لا ترقى الى رتبة القانون. ولكن يبقى الافضل حث لبنان على احترام توقيعه امام المحافل الدولية والوفاء بكلمته. لا يجوز للبنان ان يبقى خارج الاتفاقية بعد ان اعتمد النص من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة في 13 ديسمبر 2006 وفتح باب التوقيع عليها في 30 مارس 2007. وتم التصديق عليها من قبل 20 دولة ودخلت حيز التنفيذ في 3 مايو 2008 وقد وقع عليها الاتحاد الاوروبي وصوت عليها مجلس الشيوخ الاميركي ايضا.