- يبدو واضحا انه لا يمكن فصل عدم توقيع لبنان على الاتفافية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عن السياق المهترئ لمنظومة الدولة اللبنانية حيث تظهر الوقائع والدراسات بعيدة كل البعدة عن فهم معاناة شريحة اساسية من ابناءها وتقديم الدعم لهم . حول هذا الموضوع كان لنا هذا الحوار مع الاستاذ ربيع الشاعر رئيس قطاع القانون العام في شركة عالم وشركاه للمحاماة
كيف تقرأ عدم توقيع لبنان على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبرتوكولها الاختياري؟
في البداية دعنا ان نقول انه في الفترة التي كان يجب فيها المصادقة على الاتفاقية من قبل مجلس النواب كان لبنان يمر بفترة أزمة دستورية مما ادى الى تعطل البرلمان هذا من ناحية. اما من ناحية اخرى فمن المهم القول ان الاصول تقضي بان تتطلع وزارة الخارجية على هكذا اتفاقيات وترفع بها تقريرا الى مجلس الوزراء في حال كان هناك عقبات تحول دون اعتماد هكذا اتفاقيات وخاصة في حال كان هناك تحفظات على بعض مواد هذه الاتفاقيات. وبعد ذلك يقوم مجلس الوزراء بارسال هذه الاتفاقيات الى مجلس النواب للمصادقة عليها وادخالها ضمن المنظومة القانونية للجمهورية اللبنانية وبذلك يصبح لهذه الاتفاقيات مرتبة تعلو القانون. بحكم ان مقدمة الدستور اعتبرت ان كل الاتفاقيات الدولية هي جزء من الدستور. وبعد ذلك اتى قرار المجلس الدستوري عام 1996 والذي اعتبر ان للاتفاقيات الدولية مرتبة تعلو القانون. ومرتبة دستورية يمكن الاعتماد عليها عند اي مراجعة بها امام القانون. هذا في المبدأ لكن في الواقع من المؤسف ان القول الأولويات التشريعية في لبنان غير منضبطة ضمن خطة وتوجه واضخ .التشريع في لبنان فقد الكثير من رهجته حتى فيما يتعلق بالتصديق على الاتفاقيات الدولية. والتي لا تتطلب جهد ذهني كبير من المشرع. المشرع في لبنان مر في فترة فراغ كبيرة بحيث لم يعد ملك اليات المراقبة والمتابعة. اذ من المفترض انه في حال كان هناك تقصير من الحكومة اللبنانية او وزارة الخارجية في المصادقة على هذه الاتفاقيات فان مجلس النواب يقوم بواجباته حيال هذه الاتفاقيات ولكن للاسف فان في لبنان نحن ل انملك هذا التاريخ وهذا النوع من المبادرات.
ما هو الاطار القانوني الذي يستطيع من خلاله الأشخاص ذوي الإعاقة من المطالبة بحقوقهم؟
بالنسبة للإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبرتوكولها الاختياري موضوع حديثنا. فهي تعطي الامكانية للاشخاص المعنيين بها مباشرة اي ذوي الاحتياجات الخاصة ان يدعوا على الدولة اللبنانية بامور تخص حقوقهم الجوهرية. والتي اعتمدت في الاتفاقية الدولية او القانون القانون اللبناني رقم 220 الصادر عام 2000 . ولكن في الحقيقة فانه في لبنان لم تدرج العادة على ان تعتمد الحكومة اللبنانية اتفاقيات دولية تتضمن في نصوصها ان يشكو المواطن اللبناني حكومته خارج لبنان وهذا الامر هو بحد ذاته اشكالية، اذ هناك اراء مختلفة حول هذا الموضوع فهناك من يعتبر ان هذا الامر غير دستوري لجهة ان القضاء هو صاحب السيادة على الاراضي اللبنانية. فيما يذهب البعض الاخر الى اعتبار هذا الامر هو امر طبيعي وهو يعطي المزيد من الضمانات لاصحاب الحقوق. نحن في لبنان لا يوجد عندنا هذه التجربة ليس في هذه الاتفاقية موضوع حديثنا فقط بل في كل الاتفاقيات الدولية الاخرى. اذا لم يجر التصويت في مجلس النواب بحسب علمي على قانون يسمح للمواطن اللبناني ان يدعي شخصيا خارج الاراضي اللبنانية.على الرغم من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق المعوقين تسمح في مادتها الثامنة للدولة اللبنانية ان تتحفظ على هذا البروتكول في مادتيه السادسة والسابعة والتي تعطي الحق للحكومة اللبنانية بالتحفظ على ارسال لجان دولية للتحقيق والمتابعة. وهنا استطيع القول انه عندما يكون الامر كذلك فان هذا يعني هناك امور غير صحية تحرص الدولة اللبانية على اخفائها. زد على ذلك فان لبنان قبل ان يطلب ضمانات خارجية فهو لا يملك اي ضمانات داخلية تخض هذه الفئة من اللبنانيين والتي هي فئة مهمشة وتعاني من انتقاص في حقوقها. خاصة في ظل الوضع الذي يعاني منه القضاء اللبناني اليوم. والسؤال المطروح ما هو الحل ؟ الحل يبدأ من وزارة الخارجية لذلك اقترح ان يصار الى اجتماع الجمعيات المعنية مع وزير الخارجية لوضع هذا القانون على سلم الاولويات. ولكن في المقابل يجب ان لا ننسى ان القانون رقم 220 الخاص بحقوق المعوقين في لبنان لم يطبق بالكامل حتى الان والاجدر بنا العمل على تطبيقة بالكامل مثال على ذلك التعميم الذي اصدره وزير الداخلية السابق زياد بارود لجهة تجهيز مراكز الاقتراع تسهل قيام ذوي الاحتياجات الخاصة بكل الوسائل التي تسمح لهم بالوصول الى مراكز الاقتراع دون عوائق ولكن هذا التعميم لم يحترم للاسف من قبل المعنيين بتطبيقه. الواقع في لبنان يقول ان هناك مشاكل في الاولويات ومشاكل في التخطيط ومشاكل في الرؤية المستقبلية وكل هذه الامور ترتد سلبا على ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان.
الا تعتقد ان عدم مصادقة لبنان على الاتفاقية يمثل خرقا لمقدمة الدستور والتي تقول بان جميع اللبنانيين متساوين في الحقوق والوجبات؟
للاسف ليس هناك جهد كافي لتطبيق مبدأ المساواة بين جميع اللبنانين بالرغم من وجود قوانين كثيرة تتحدث عن هذا المبدأ ولكن هذه القوانين لم تحترم بالكامل. والطريقة الفضلي برأي لعدم الخرق في القوانين هي ان يسمح لجميع اللبنانين بطريقة غير مباشرة بالطعن بدستورية القوانين امام المجلس الدستوري. لضمانة تطبيق المادة السادسة من الدستور. ولكن هذا الامر يلزمه تعديل دستوري ونحن اليوم غير جاهزين بعد لتطوير منظومتنا الدستورية. بالعودة الى الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، ليس هناك اي نص قانوني يلزم الدولة اللبنانية بالتصديق على هذه الاتفاقية انطلاقا من مبدأ ان كل الاتفاقيات الدولية هي اتفاقيات اختيارية. ولكن نحن في المقابل اصحاب مصلحة في الانضمام الى هذه الاتفاقية انطلاقا من الارقام التي تقول ان ذوي الاحتياجات الخاصة يشكلون ما نسبته 15% من الشعب اللبناني.
كيف يمكن لهذه المعاناة ان تنتهي برأيك؟
يوجد بين ايدينا قانون ويوجد دستور.لا يمكن الاعتماد على الدستور كثيرا امام المحاكم في هذا المجال اما مجموعة القوانين التي بين ايدينا وخاصة القانون رقم 220 الصادر عام 2000 اضافة الى مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تخص الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان والتي صدق عليها المجلس النيابي اللبناني فيمكن من خلالها التوجة الى مجلس القضاء الاعلى، كي يصار الى ادخال ضمن مناهج معهد القضاء شق من هذه الحقوق. حتى يمكن للقاضي الاستناد اليها في احكامه. ويجب القيام ايضا بحملة توعية لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في المدراس كافة. وهناك امر اخر يجب الاشارة اليه ان في جميع البلدان هناك دولة وهناك مجتمع مدني اما في لبنان يوجد مجتمع مدني ولكن لا يوجد دولة. ولذلك قام لبنان على مبدأ الاتكال على القطاع الخاص. لا يمكن لذوي الاحتياجات الخاصة ان ينتظروا الدولة والتي تصدر القوانين ولكن جزء كبير منها لا يطبق. ان اول حق يطالب به ذوي الاحتياجات الخاصة هو الحق بالتعليم لذا يجب التوجه الى مدراس القطاع الخاص والتي تضم سبعين بالمئة من طلاب لبنان وخاصة المدراس الدينية والتي يوجد لديها حساسية ايجابية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على دمج هؤلاء مع بقية الطلاب. ايضا التوجه الى قطاع رجال الاعمال والعمل على اقناعه بالاسثتمار في موضوع الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة بالاتفاق مع الجامعات والتي هي المختبر الحقيقي للافكار. اعتقد ان القيام بهذه الخطوة سيكون له مردود ايجابي اذ يمكن للشركات التي تولد من هذه المبادرة ان يصبح لديها الامكانات للانفاق على الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة او حتى خلق فرص العمل لهؤلاء الاشخاص. واخير لا بد من القول ان المصادقة على هذه الاتفاقية تعطي شرعية دولية اكبر لمطالب الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي نفس الوقت تحرج الدولة اللبنانية وتدفعها لتحمل مسؤولياتها في هذا الاتجاه، ولذلك برأي ان الدولة اللبنانية لن تعطي الفرصة لهذه الفئة من النسيج اللبناني بان تحرجها امام المجتمع الدولي، وتدل على الثغرات الموجودة في بنيتها.