في ظل عدم مصادقة المجلس النيابي اللبناني على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ما هو الحل ؟ وهل الطريق اصبحت مسدودة لحماية وتعزيز الحقوق؟ ماذا عن القانون رقم 220 ولماذا لا يعدل بالاستناد الى الحقوق التي كرستها الاتفاقية؟ أسئلة يجيب عنها النائب السابق غسان مخيبر، والذي اوكل اليه كتابة مسودة القانون 220 المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين والذي صدر عام 2000 ولا تزال العديد من مواده من دون تطبيق.
ما هي المبادئ العامة للقانون رقم 220 ؟
يمثل القانون 220 المتعلق بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان الذي صدر عن مجلس النواب عام 2000 تقدما تشريعيا كبير وهو من اكثر القوانين تطورا فيما يخص حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ليس في لبنان فقط انما العالم العربي والعالم ايضا. كونه اخرج التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة من منطق الرعاية الى منطق الحقوق. وهو امن لهذه الفئة من المجتمع الخروج في البيئة المكبلة لها مهما كان نوع الاعاقة.
والقانون يتضمن اليات لمتابعة حسن تطبيقه من خلال الهيئة الوطنية لمتابعة شؤون المعوقين التي انشأت واعطيت صلاحيات واسعة جدا وهي تمثل ذوي الاحتياجات في متابعة تطبيق القانون. وهي اعطيت حق مقاضاة كل الاشخاص والمؤسسات الذين يخالفون هذا القانون. بالرغم من ذلك فان هذا القانون لم ينفذ كاملا حتى الان .فالمراسيم التطبيقية تاخرت في الصدور كما تاخرا جدا تفعيل الهيئة الوطنية لمتابعة شؤون المعوقين. كما ان الوزراء المعنيين في الحكومات المتعاقبة لم يحسنوا استعمال هذه الاداة القوية الموجودة بين ايديهم لملاحقة المتلكئين في تطبيق هذا القانون ولتطوير سياسات متعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة. كما انه لم يتم تأمين الامكانيات المالية اللازمة التي لم تعطى كما يجب. كما انه تاخر صدور المراسيم التطبيقية المتعلقة بالشروط الفنية لتأهيل الابنية المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة. مما يعني انه كان هناك تقدم تشريعي كبير ولكن في المقابل كان هناك تباطؤ في التنفيذ. كان يفترض ان يكون هناك اكثر متابعة لتطوير هذا القانون وتطوير ما يفترض ان يتبعه من تطبيق خاصة بعد ان وقع لبنان على الاتفاقية الدولية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة. والتي لم يصادق عليها مجلس النواب حتى الان. وذلك بسب اشكال دستوري ناتج عن ظرف سياسيي ادى الى عدم اعتراف رئيس مجلس النواب نبيه بري بميثاقية الحكومة التي كانت موجودة في ذلك الوقت. وهذا الامر يجب ان يحل بسرعة من خلال قيام الحكومة بارسال الاتفاقية الى المجلس النيابي للمصادقة عليها. والذي لا يوجد عنده اي مشكلة في المصادقة على هذه الاتفاقية. كما انه يجب علينا الا ننتظر الاتفاقية الدولية لتحسين كل ما له علاقة بذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان، فان تبين من خلال الممارسة وجود ثغرات في القانون المحلي فعلى المشرع ان يتدخل لتعديل القانون، وليس عليه انتظار تطبيق الاتفاقية الدولية. انا اجزم ان المشكلة هي في تطبيق النصوص.
ما الذي تغير بعد صدور القرار 220 وما الذي نحتاجه بعد؟
من المهم جدا ان نعرف انه هناك الكثير من احكام القانون رقم 220 لا تحتاج الى مراسيم تطبيقية. لاشك ان هناك كثير من الامور قد تحسنت على سبيل المثال فقد اصبح من حق الاشخاص ذوي الاعاقة الحصول على سيارة وقيادتها اذا كانت الاعاقة حركية. هذا الموضوع اعترى تطبيقه الكثير من الاشكالات في البداية بسبب موقف ادارة الجمارك منه ولكن جرى حل الاشكال بتدخل من وزراء الصحة والشؤون الاجتماعية المتعاقبين وبعض الجمعيات الاهلية. كما ان هذا القانون الغى شرط البنية الصحية الكاملة للمتقدمين الى الوظائف العامة من ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن هنا نسطتيع ان نقول ان هذا القانون يشكل اداة للمطالبة.طبعا نحن نتمنى ان يطبق هذا القانون بكل احكامه ولكن الامر يحتاج الى مطالبة دائمة من قبل المعنيين بهذا الشأن. والمطلب الاساسي يجب ان يكون الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين والتي لاحظنا انها لا تتحرك بالشكل الكاف لتأخد دورها الجدي والصحيح مع وزارة الشؤون الاجتماعية لمتابعة حسن تطبيق القانون.
الا يشكل ذلك خرقا للدستور؟
الخرق في الدستور هو في عدم تطبيق القانون وليس في عدم تطبيق مبدأ المساواة لانه بكل بساطة القوانين وضعت لتطبق. ويجب مساءلة المسؤولين عن عدم تطبيق القانون امام مجلس النواب.ولكن للاسف كل اليات المساءلة معطلة لذلك يجب على المعنيين ان لا يتوقفوا عن المطالبة بتطبيق هذا القانون. وكما قلت سابقا ان القانون يتضمن الية ذاتية لمتابعة حسن تطبيقه وهي الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين والتي تشكل احيانا واحيانا تبقى خارج التشكيل. لذا يجب ان ينصب جهد وزارة الشؤون الاجتماعية على تحويل هذه الهيئة الى هيئة متخصصة مهمتها متابعة تطبيق القانون رقم 220.ويجب على اعضاء هذه الهيئة ان ياخذوا مسؤولياتهم على محمل الجد وان يمارسوا كل الصلاحيات الممنوحة لهم في القانون.
كيف يسهم المصادقة على الاتفاقية الدولية في تطبيق القانون رقم 220؟
هناك الكثير من المواد الموجودة في القانون رقم 220 موجودة ايضا في الاتفافية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.على سبيل المثال مبداء الادماج. او مبداء الانتقال من الرعاية الى الحقوق. مما يجدر قوله هنا ان القانون رقم 220 استطاع ان يحقق ثورة على اساس انه اعتبر كل المؤسسات الرعائية التي تضع المعوقين خارج المجتمع هي مخالفة لمنطق للقانون وهذا منصوص عنه الاتفاقية الدولية، وقد نص عليه القانون 220 ايضا.انما الاتفاقية الدولية اتت لتضيف على القانون بعض المسائل والتي ليس بالضرورة على المشرع اللبناني انتظار ابرام لبنان للاتفافية الدولية، انما بامكانه تعديل القانون واضافة ما يراه مناسبا. مع العلم انه لا يوجد احد في مجلس النواب بحسب علمي معترض على الاتفاقية. ولكن المشكلة انه لا يوجد احد مستعد لانفاق المال اللازم لتطبيق القانون كما هو. اضافة الى ذلك فان الدولة اللبنانية ليس فاسدة فقط انما إدارتها سيئة ايضا.
ما هو دور المشرع هنا؟
لبنان وافق على الاتفاقية الدولية ولكن مجلس النواب لم يقم بابرامها حتى الان، لذلك هي لم تدخل في الانتظام القانوني للدولة اللبنانية ولكن لا شيئ يمنع تطوير القانون 220 والذي هو اتفاق جيد جدا بالاسترشاد بالاتفاقية الدولية. الاتفاقات الدولية تسمو على القوانين الوضعية الداخلية. شرط ابرامها من قبل الدولة اللبنانية. ينص الدستور اللبناني على ان ابرام الاتفاقيات الدولية هو من صلاحيات رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء. واجازة الابرام تأتي من مجلس النواب. وهذا ما لم يحصل حتى الآن من قبل مجلس النواب. وتاليا ليس هناك مهلة لإبرام الاتفاقية. المهلة هي مهلة مفتوحة.