أطفال بسن المدرسة في لبنان الصور في أعلى الصفحة وفي الأسفل على اليسار: © 2017 Amanda Bailly الصور في الوسط الصفحة وعلى اليمين: © 2017 Sam Koplewicz لحساب هيومن رايتس ووتش
واحدة من الأمثلة حول الانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص ذوي الإعاقة، حقهم في الحصول على التعليم الجيد. فهناك بلدان كثيرة، ومن بينها لبنان، لا يلتحق فيها الأطفال ذو الإعاقة بما يسمى المدرسة العامة، فهم يخضعون للفصل والعزل. وهذا الفصل يمكن أن يؤثر تأثيراً خطيراً على فرص الشخص في الحياة، بحيث لن تكون لدى الاشخاص ذوي الإعاقة مؤهلات معترف بها ومماثلة لمؤهلات التعليم العام وبالتالي سيعتقد صاحب العمل دائماً أن الاشخاص ذوي الإعاقة على الأرجح لا يتساوون في المهارة مع الآخرين.
تتحدث الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن التعليم الشامل وتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة ولكن كما سمعنا، كثيراً ما يكون هذا عن وضع بعض الأشخاص في غرفة دراسة وليس بالضرورة توفير الترتيبات والتسهيلات اللازمة لتزويدهم بالتعليم الجيد. يلزم أن تضمن الحكومة أن يكون لدى المدرسين تدريب إلزامي بشأن إدماج الأطفال ذوي الإعاقة. وينبغي أن يذهب أخصائيو الإدماج إلى المدارس لدعم التلاميذ والمدرسين، بدلاً من إخراج الأطفال من المدرسة للذهاب إلى الأماكن التي يوجد فيها الأخصائيون. والتكنولوجيا، بما في ذلك المواقع الشبكية والهواتف النقالة وتطبيقاتها، مهمة أيضاً لضمان وصول الأشخاص إلى الموارد التي يحتاجون إليها.
تعزيز وحماية الحق بالحصول على تعليم جيد والحق في التعليم الشامل على النحو المنصوص عليه في المادة 24 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لا يزال هدف بعيد المنال في لبنان، خصوصاً ان المصادقة على هذه الاتفاقية لم يسلك طريقة الى الهيئة العامة للبرلمان، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على توقيع لبنان على هذه الاتفقاقية وبروتوكولها الإختياري.
“يريد آلاف الأطفال مثلي الذهاب إلى مدرسة شاملة والدراسة واللعب مع جميع الأطفال الآخرين، وينبغي أن تتوافر لهم الفرصة لتحقيق هذا. وبهذه الطريقة، لن نتعلم أفضل فقط ولكننا أيضاً سنجعل مجتمعنا أكثر شمولاً”، بحسب أحد المشاركين في ورشة عمل نظمت في بيروت الشهر الماضي، وهو طالب من الأشخاص ذوي الإعاقة ويبلغ من العمر 15 سنة.
وتقول منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير نشرته في آذار عام 2018 إن النظام التعليمي في لبنان يميّز ضد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. غالبا ما ترفض المدارس قبول الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بسبب تحدياتهم. حتى الذين يلتحقون بالمدارس، لا تتخذ المدارس أي خطوات معقولة كي تؤمن لهم تعليما جيدا. عوض ذلك، يلتحق العديد من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بمؤسسات غير مخوّلة للتعليم، أو لا يحصلون على أي تعليم على الإطلاق.
وجد تقرير “’أود الذهاب إلى المدرسة‘: حواجز تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان”، الصادر في 56 صفحة، أن القانون يمنع المدارس من التمييز ضد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع ذلك ترفض العديد من المدارس الرسمية والخاصة قبول العديد من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. أما الذين يتم قبولهم، لا تُجري المدارس أي تسهيلات معقولة مثل تعديل الصف أو المناهج أو طرق التعليم لتتماشى مع حاجاتهم. كما تطلب المدارس من أُسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة دفع رسوم إضافية وتكاليف تُعتبَر تمييزية.بموجب القوانين اللبنانية والدولية، يجب تمكين جميع الأطفال من الوصول إلى تعليم جيد بدون تمييز. يضمن القانون اللبناني رقم 220، الذي أُقرّ عام 2000، حق ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم وخدمات أخرى، لكنه غير مطبّق حسبما وجدت هيومن رايتس ووتش. المسار التعليمي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان محفوف بالعديد من العقبات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية، ما يعني أنهم غالبا ما يخوضون تجربة سيئة – هذا إذا ما قُبلوا أصلا.
تبين دراسة أعدتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2014 أن النظم المدرسية اعتمدت نُهجاً تمييزية ضد الأشخاص ذوي الإعاقة يمكن أن تؤدي إلى حرمانهم من حقهم في التعليم.
ويُستبعد بعض التلاميذ من الالتحاق بالنظام التعليمي على أساس وجود إعاقة لديهم، دون ان تُتاح لهم أي فرصة تعليمية أخرى. ويُرسَل آخرون إلى مدارس أُعدت لمعالجة إعاقة معينة، وعادة ما يكون ذلك في إطار نظام تعليمي مخصوص، ويُفصَلون عن التلاميذ الآخرين. وأخيراً، يجري إدماج بعض التلاميذ في مدارس عادية طالما أنهم قادرون على التكيف مع المعايير المعمول بها في هذه المدارس.
وطبقاً لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن التعليم الجامع عنصر أساسي لإعمال الحق في التعليم للجميع، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص.
وتوضح الدراسة أن إدماج التلاميذ ذوي الإعاقة يقتضي القضاء على الحواجز التي تقيد أو تحظر مشاركتهم في نظام التعليم العام؛ وتغيير الثقافات والسياسات والممارسات المتبعة في المدارس العادية لاستيعاب احتياجات جميع التلاميذ، بمن فيهم ذوو الإعاقة.
ويوفر التعليم الجامع منبراً لمكافحة الوصم والتمييز. كما أنه يُمَكن الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يعانون عادة من ارتفاع غير متناسب في معدلات البطالة، من المشاركة الكاملة في المجتمع.
“وبيئة التعلم المختلطة الشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة تُمَكن من تقدير مساهماتهم، ومن تفنيد الأحكام المسبقة والمفاهيم المغلوطة بشأنهم وتبديدها تدريجياً،” تذكر الدراسة. “والتعليم الرسمي يُسَهل الاعتماد الرسمي المطلوب بشكل متزايد في سوق العمل المفتوحة اليوم.”
وتشير الدراسة إلى أن النظم التعليمية ينبغي أن تحظر رفض القبول في المدارس العادية على أساس الإعاقة، وأن تشجع على انتقال التلاميذ ذوي الإعاقة من المدارس المخصوصة إلى المدارس العادية، وأن تضمن عدم التمييز وذلك بمراعاة الاحتياجات بصورة معقولة. ويعني هذا أنه سيتعين على المدارس أن تُجري مواءمات ملائمة حسب الاقتضاء لضمان أن يتمكن التلميذ المعاق من الالتحاق بالتعليم والمشاركة فيه على قدم المساواة مع التلاميذ الآخرين.
وينبغي تكييف المناهج الدراسية والمناهج التربوية وأساليب الاختبار في المدارس لضمان أن يتسنى للتلاميذ ذوي الإعاقة الالتحاق بتعليم جامع جيد ومجاني في المرحلتين الابتدائية والثانوية على قدم المساواة مع الآخرين. وينبغي وضع تدابير للقضاء على العقبات الناجمة عن المواقف والعقبات المادية والعقبات الاجتماعية – الاقتصادية والعقبات في مجال التواصل التي تواجه التلاميذ ذوي الإعاقة الذين ينبغي أيضاً أن يحصلوا على الدعم الملائم، بما في ذلك الدعم الفردي، لتيسير حصولهم على تعليم فعال. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي ضمان أن تتاح لهم الفرصة لاكتساب مهارات حياتية ومهارات في مجال التنمية الاجتماعية، مثل تعلم طريقة برايل ولغة الإشارة. وتوصي الدراسة أيضاً بتوظيف مدرسين مؤهلين في لغة الإشارة وبرايل، وتدريب الأخصائيين العاملين في جميع مستويات التعليم على التوعية بالإعاقة واستخدام تقنيات الاتصال والتعليم الملائمة.
وبعد التعليم الثانوي، ينبغي أن يُتاح للأشخاص ذوي الإعاقة التعلم مدى الحياة على نحو يلبي بشكل ملائم احتياجاتهم التعليمية المستمرة.
وتسلم الدراسة أيضاً بأن إنشاء نظم تعليمية جامعة يتطلب اعتماد تدابير غير تمييزية فورية بالإضافة إلى تغيير الإطار التشريعي والسياساتي القائم مع الإشراك الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة.
وتدعو الدراسة كلك إلى اعتماد هدف تعليم جامع في الإطار الجديد، الذي سيحل محل الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2015، لزيادة الإسهام في إنهاء استبعاد التلاميذ ذوي الإعاقة وضمان تعلم جيد مدى الحياة للجميع.