تضمن الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الحقوق السياسية وفرصة التمتع بها على أساس المساواة مع الآخرين، وتتعهد بأن تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة إمكانية المشاركة بصورة فعالة وكاملة في الحياة السياسية والعامة على قدم المساواة مع الآخرين، إما مباشرة وإما عن طريق ممثلين يختارونهم بحرية، بما في ذلك كفالة الحق والفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة كي يصوتوا ويُنتَخبوا، وذلك بعدة سبل منها: كفالة أن تكون إجراءات التصويت ومرافقه ومواده مناسبة وميسرة وسهلة الفهم والاستعمال؛ وحماية حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت عن طريق الاقتراع السري في الانتخابات والاستفتاءات العامة دون ترهيب، وفي الترشح للانتخابات والتقلد الفعلي للمناصب وأداء جميع المهام العامة في الحكومة على شتى المستويات، وتسهيل استخدام التكنولوجيا المُعِينة والجديدة حيثما اقتضى الأمر ذلك.
في الوقائع المستندة الى تجارب العديد من دول الاطراف تحصل العديد من الانتهاكات للحق في المشاركة السياسية، الامر الذي يستدعي وفق البروتوكول الاختياري للاتفاقية الى مقاضاة الدول المخالفة. نشارك في هذه المقال قصة سيدة استرالية التي ادعت على دولتها لعدم اتباع الاخيرة اجراءات تسهل اقتراعها بطريقة مستقلة وسرية.
نظرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاغ في قضية غيفن ضد أستراليا. وقد ادعت صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاكات الدولة الطرف المادة ٢٩(أ)‘1‘-‘3‘، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد ٤(1)(أ) و(ب) و(د) و(هـ) و(ز) و5(2) و(3) و9 من الاتفاقية. فصاحبة البلاغ تعاني من شلل دماغي أدى إلى الحد من قدرتها على السيطرة على عضلاتها وضبط حركاتها الدقيقة ومن قدرتها على الكلام. وهي تستخدم كرسياً متحركاً كهربائياً للتنقل وجهازاً إلكترونياً مولداً للصوت الاصطناعي من أجل التواصل مع الآخرين.
في 7 أيلول/سبتمبر 2013، نظمت انتخابات اتحادية في الولايات والأقاليم من أجل مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وأرادت صاحبة البلاغ في وقت الانتخابات، أن تمارس حق التصويت بالاقتراع السري على قدم المساواة مع غيرها من الناخبين. بيد أنها كانت غير قادرة على وضع علامة على ورقة اقتراع وطيها وإيداعها في صندوق الاقتراع دون مساعدة من شخص. وادعت أنها طلبت تزويدها بإمكانية الوصول إلى نظام اقتراع إلكتروني، مثل واجهة بينية حاسوبية لكي تتمكن من الإدلاء بصوتها على نحو مستقل وسري. ومع ذلك، عملاً بالقانون الانتخابي، لا يتاح التصويت بالمساعدة الإلكترونية إلا للأشخاص المسجلين على أن لديهم عاهة بصرية. وادعت صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها، لأنها حرمتها من الحق في الاستفادة من إجراءات ومرافق تصويت يسهل الوصول إليها ومن الحق في التصويت عن طريق الاقتراع السري باستخدام تكنولوجيا مساعدة. واحتجت صاحبة البلاغ بأن ولاية نيو ساوث ويلز تستخدم منذ عام 2011 نظاماً للتصويت الإلكتروني أثبت فائدته وحسن أدائه، وقد سمح لها بالإدلاء بصوت مستقل عن طريق الاقتراع السري في انتخابات الولاية. وادعت بأن العقبة الحقيقية التي تحول دون استخدام نظام التصويت الإلكتروني في الانتخابات الاتحادية هو رفض الدولة الطرف تعديل قانون الانتخابات للسماح بتعميم استخدامه. وأشارت اللجنة إلى أن الدولة الطرف تدفع بأن بإمكان الأشخاص ذوي الإعاقة الوصول إلى طائفة من خيارات التصويت المتاحة والملائمة بموجب القانون الانتخابي في الدولة الطرف، وأن أمام صاحبة البلاغ خيار التصويت بطرق مختلفة عديدة، بما يشمل الحصول على المساعدة البشرية في أماكن اقتراع يسهل الوصول إليها بالكامل. وأشارت اللجنة كذلك إلى أن الدولة الطرف تدفع بأن شرط تيسير استخدام التكنولوجيا المساعدة هو التزام عام أو طموح مطلوب من الدول الأطراف، ولا يتعين الوفاء به إلا في الحالات التي يكون فيها هذا الأمر مناسباً، وأن البت في كيفية تخصيص الموارد المحدودة أمر يرجع إلى الدولة الطرف. وأشارت اللجنة إلى أن الالتزام بتنفيذ إمكانية الوصول غير مشروط. وأشارت كذلك إلى أن خيار التصويت الإلكتروني الذي يمكّن صاحبة البلاغ من الإدلاء بصوتها بشكل مستقل وسري بالطريقة التي تختارها استخدم في الانتخابات التي جرت في ولاية نيو ساوث ويلز منذ عام 2011. وأشارت أيضاً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تبرر الادعاء بأن استخدام خيار التصويت الإلكتروني ذاك كان سيشكل عبئاً غير متناسب بحيث حرمت صاحبة البلاغ وجميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى هذه التسهيلات من استخدامه في الانتخابات الاتحادية لعام 2013.
خلصت اللجنة إلى أن عدم إتاحة الإمكانية لصاحبة البلاغ للوصول إلى منصة التصويت الإلكتروني المتاحة بالفعل في الدولة الطرف، أو تزويدها بحل بديل كان سيسمح لها بالإدلاء بصوتها دون أن تكشف عن نيتها فيما يتعلق بالتصويت لشخص آخر، قد أدى إلى إنكار حقوقها بموجب المادة ٢٩(أ)‘1‘، و‘2‘مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد ٤(1)(أ)، و(ب) و(د) و(هـ) و(ز) و٥(2) و9(1)، و(2)(ز) من الاتفاقية.
وان هذه الحادثة يحصل مثلها واكثر في لبنان فبالرغم من ان القانون 220\2000 المتعلق بحقوق الاشخاص المعوقين اقر الحق للاشخاص ذوي الاعاقة بالمشاركة السياسية اي التعبير عن رأيهم عن طريق المشاركة في الاقتراع النيابي والبلدي والاختياري واتباع الاجراءات الازمة لتسهيل هذه العملية لا تزال قضية مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الانتخابات تشكل مشكلة كبيرة تواجه الساعين إلى تطبيق هذا القانون. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين وحملات التوعية والضغط التي أطلقتها جمعيات واتحادات الأشخاص ذوي الإعاقة حول هذا الموضوع وفي مقدمتها لم يتغير الشيء الكثير على الأرض. الفارق بين لبنان واستراليا ان الاخيرة صادقت على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري وبات من حق الاشخاص ذوي الاعاقة ذوي الاعاقة رفع دعاوى ضد سلطات البلد لمخالفتها الاتفاقية، في حين لا يزال لبنان متخلف عن الانضمام لهذه الاتفاقية ، فالى متى الإنتظار.
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة يكفل مقاضاة من ينتهك الحق في المشاركة السياسية
