يعاني لبنان عموماً ومناطقه النائية – بعلبك على سبيل المثال – من إهمال وتقصير يصل الى مستوى الجريمة بحق الأشخاص ذوي الاعاقة، ويعتبر هذا الأمر مخالفاً للقوانين والمواثيق الدولية وخرقاً للشرعة العالمية لحقوق الانسان.
واقع الأشخاص ذوي ذوي الاعاقة ضمن نطاق محافظة بعلبك الهرمل مأساوي، ويطرح التساؤل عن احتمال التقصير بشكل مقصود لأسباب متعددة.
من خلال تحقيق ميداني ضمن أرجاء مدينة بعلبك، يمكن ملاحظة غياب أي تجهيزات او تنظيم مدني عام يراعي حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة. يشمل ذلك الطرقات، الأرصفة، المطاعم، الأبنية، العيادات، المستشفيات والمستوصفات، المتاجر، وبشكل أكيد جميع المؤسسات والإدارات الرسمية في المنطقة.
للاطلاع أكثر على الانتهاكات المرتبطة بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة في مدينة بعلبك، كان لقاء مع محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر.

“الحالة صعبة جداً ومأساوية فيما خص ذوي الإعاقة في المحافظة” أجاب خضر على السؤال، ” لا يوجد أي خطة عمل، لا في الحاضر ولا مستقبلاً على صعيد مدينة بعلبك لتسهيل اندماج المعوقين في المجتمع واشراكهم في الحياة العامة”.
في سؤاله عن السبب في عدم وجود خطة، يقول المحافظ انه ارسل منذ فترة برقية الى بلدية بعلبك تتضمن توصيات معينة فيما خصّ البناء ضمن مواصفات معينة لمراعاة حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، كذلك تأهيل وصيانة الادارات العامة ومنها البلدية نفسها ليسهل على المقعدين الوصول اليها، الى الساعة لم يحصل المحافظ على أي جواب او رسالة موافقة من البلدية.
المستغرب أكثر في هذا المجال، يؤكد المحافظ، هو المركز التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في مدينة بعلبك عند شارع رأس العين. هذا المركز الذي يختص في عمله ودوره على مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتسهيل اندماجهم، يقع على الطابق الثاني من المبنى دون وجود أي تأهيل او أدوات او مصعد تساعد الأشخاص ذوي الاعاقة على الوصول الى المكتب.
فيما خص رخص البناء المخالفة للمعايير والموصفات، تفيد المعلومات الى ان الدائرة العقارية في بعلبك توافق على منح رخص البناء عبر دفع مبلغ 50.000 او عبر إحدى “الوساطات” كما هو معهود في لبنان.
يؤكد المحافظ بشير خضر في بادرة إيجابية، الى انه سيحرص على ان يكون مبنى المحافظة الجديد المنوي انشاؤه قريباً يتوافق مع جميع المعايير والمواصفات الهندسية لتسهيل وصول ذوي الاحتياجات الخاصة وإنجاز معاملاتهم اسوة بجميع المواطنين اللبنانيين، ويذكر المحافظ عن حادثة حصلت معه منذ فترة، حيث احتاج أحد المواطنين المقعدين الى مقابلة خضر شخصياً، فما كان منه الا ان نزل الى مدخل المبنى لملاقاته والاستماع الى شكواه في بادرة منه لكنها أيضاً تسلط الضوء على الواقع الأليم الذي يعيشه بعض المواطنين فقط لأنهم يعانون من إعاقة معينة.
على صعيد الجمعيات والمنظمات المحلية او الدولية، يشير مستشار المحافظ حسن طبيخ، الى انه لا يوجد حتى الساعة أي برنامج عمل تطبيقي قامت وتقوم به أي منظمة لمساعدة الأشخاص ذوي الاعاقة، او للضغط على الجهات المعينة من اجل سياسة عامة تنظيمية تراعي المعوقين، او حتى قيامها بأي تعداد او دراسة ميدانية عن واقع المعوقين وصراعهم اليومي في المنطقة.
يشير طبيخ في هذا المجال ايضاً الى حالة واحدة رصدها على صعيد المحافظ تعتبر مثال إيجابي يحتذى به الا وهي مدرسة “نحلة” الرسمية، فقد حرصت المدرسة على ان تكون أرضيتها وملعبها ملائم للطلاب والأفراد المقعدين منهم حيث تخلو المدرسة من أي أدراج او مرتفعات تعيق حركة المقعد داخل المدرسة.
خلاصة هذا التقرير، ان الواقع أسوء بكثير مما قد تكتب عنه هذه الأسطر، والأمر بحاجة الى خطوات سريعة وعاجلة على صعيد مؤسسات الدولة والجمعيات والمنظمات المعينية للقيام بدراسات واحصاءات أولاً، يتبعها إقرار خطة عمل شاملة من بلدية بعلبك والمحافظة تلزم المؤسسات والإدارات والمتاجر إيجاد مداخل وممرات ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة وتعمل على ادماجهم في المجتمع.