لا يزال الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون في الوصول الى أقل حقوقهم/ن في الحصول على خدمات الإستشفاء والعلاج والأدوية وغيرها من الاحتياجات الصحية. فبالرغم من أنّ الدولة اللبنانية تقدم ما يسمى”بالبطاقة المخصصة للاشخاص ذوي الإعاقة”،إلّا أن عدد كبير منهم/ن لم يحصلوا عليها وذلك لعدم إدراكهم/ن بوجودها أو لمواجهتهم/ن مشاكل تحول دون قدرتهم/ن على التنقل والوصول الى المراكز المعنية. وهنا لا بد من الإشارة الى أنّ المراكز المعنية محددة في مناطق معينة وغير متواجدة في كثير من المناطق الريفية وخاصة النائية منها.

ورغم أنّ الدولة اللبنانية أكّدت في تقريرهاالمرفوع إلى الأمم المتحدة في تشرين الأول عام 2015 أنّ”الأشخاص ذوي الإعاقة يتمتّعون بالتغطية الطبيةب نسبة 100 في المئة”،إلّا أنّ لسان حال المواطنين اللبنانيين ذوي الإعاقة ينفي إدلاءات الدولة. وهن الا بد من الإشارة الى أن تقرير الدولة اللبنانية أشار الى اتخاذها تدابير في العام 2011 بهدف الإعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة في كثير من المجالات لكن الجهود لا تزال غير كافية.
ما هي البطاقة المخصصه لذوي الإعاقة؟
تأتي أهمية البطاقة بأنها تؤمن حقوقاً وخدمات وتساعد على إحصاء عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان، لذا نصّ قانون رقم (220) لسنة(2000) على تزويد المعوّق بطاقة تخوّله ممارسة الحقوق وتعطيه بعض الامتيازات لتسهل أموره، ومن هذه الحقوق:الحق في التعليم، والتنقل، والإستشفاء، وكذلك الحق في تعويض بطالة المعوقين، والحق لهم في العمل دون تمييز، وتأهيل مهني، كذلك التخفيض الضريبي، المشاركة السياسية،الرياضة والترفيه.
حيث أنّ مجموع هذه الحقوق أصبحت مكرّسة لكل شخص حامل البطاقة بموجب قانون (220)،وتعتبر هذه البطاقة آلية تقدم لتسهيل الحصول على الحقوق والخدمات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة.
مشاكل البطاقة في المجال الصحي
هنالك مشاكل كثيرة بين ما نصّ عليه القانون رقم(220)لسنة2000 وماهو مطبق على أرض الواقع، لا سيّما في مجال القطاع الصحي بشقيّه الحكومي والخاص،حيث اتضح أنّ بطاقة الإعاقة التي من المفترض أنّها وجدت لتجعل حياة الأشخاص ذوي الإعاقه أسهل في حصولهم/ن على الخدمات التي تقدمها بل على عكس ذلك،فقد تبين في كثير من الأحيان أنّ البطاقة تكون العقبة أمام تلقيهم العلاج في ظل رفض او عدم إستجابة المستشفيات والأطباء علاج المريض من ذوي الإعاقة من حاملي هذه البطاقة، مع العلم أنّ البطاقة توفر للمعوق تغطية كافة الامور الصحية بنسبة 100%.يكمن العائق في ذلك بتأخر الإجراءات من الدولة لكي يتم إستيفاء التكاليف للمعالجة.كما أنّ المادة (28) المتعلقة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة بالحصول على الخدمات الصحية وإعادة التأهيل، مقابل ذلك هناك تعثر يطال بنود العمليات الجراحية والعلاجات الطبية، حيث تكمن الصعوبه بالدرجة الأولى بعدم القبول أو عدم إستجابة الأطباء وخاصة الجراحين وكذلك أغلب المستشفيات العامة والخاصة من تلبية حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة (خاصه في العمليات الجراحيه)،وذلك بسبب تأخر الإجراءات الحكومية لإستيفاء الأتعاب المالية من الدولة. والجدير بالذكر أنّ العلاجات الطبيّة والفحوصات المختبرية والاشعاعية لا زالت حتى اللحظة تغطى من جيوب ذوي الإعاقة، مما يثقل من كاهل الدخل العائلي لهؤلاء الأشخاص بنسبة 20%.والأكثر من ذلك أنّ تغطية علاج طبيب الأسنان يستحيل أن تكون من نفقة الدولة أو من خلال بطاقة الإعاقة.
ما البديل عن البطاقة لتسهيل حياة ذوي الإعاقة في القطاع الصحي؟
قد يستعين الأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة الصحة لطلب المعونة في تغطية تكاليف عملية جراحية أو الحصول على أطراف إصطناعية أوغير من الأمور.وفيحالات خاصة، مثل القيام بعمليات لزراعةالأطراف الإصطناعية، فقد تغطي وزارةالصحة هنا تكاليف الإقامة في المستشفىلكن هذه التغطية لا تتضمن تكاليف العمليةوالأطراف الإصطناعية.وفيحالات كهذه، تكون المشكلة في غلاء التكلفة. وحتى لو كان الشخص ذوي الإعاقة ينتفع من صندوقالضمان الاجتماعي، إّلا أنّ هذا الصندوق لديه تعرفته التي لا تغطي سوى جزء بسيط من الكلفة.ويجدر الإشارة الى أنّ المكان المخصص لتقديم طلبات للأطراف الإصطناعية في وزارة الصحة لا تخول شخص معوّق من الوصول إلى المصعد المؤدي اليه.بل عليه أن يصعد الدرج وهذا دليل على قلّة أو إنعدام ملاحظة الإدارة العامة بالمعوقات التي قد تقف عائقاً دون وصول الأشخاص ذوي الإعاقة الى أبسط حقوقهم/ن بكرامة من دون أي إذلال يُذكر.
وفي إطار آخر، صرّح وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني في 5 تشرين الثاني 2018 أنّ “البنود المتبقية من اقتراح قانون البطاقة الصحية أو الرعاية الصحية الشاملة في لجنة المال والموازنة أقرت”.وقد لفت حاصباني خلال مشاركته في اجتماع لجنة المال والموازنة إلى أنّ “البطاقة الصّحيّة ستؤمن ملفًا صحيًا وتغطية للبنانيين كافةً عبر فحوص سنوية في مراكز الرعاية الصحية الاولية والمستشفيات التي ستعتمد هذا النظام، كما ستؤمن للمواطنين الذين لا جهة ضامنة لهم الى جانب الفحوص الخارجية تغطية أعلى في الاستشفاء وستوفر أدوية الامراض المزمنة والمستعصية”.
وهنا نقف عند هذا التصريح لنسأل “هل تشمل البطاقة الصحيّة حاملي البطاقة المخصصة للاشخاص لذوي الإعاقة؟ وفي حال نعم، هل سيواجه الأشخاص ذوي الإعاقة نفس المعوقات التي تقف دون تفعيل دور البطاقة في تسهيل حياتهم الصحية؟
الى حين أن يتم العمل بالبطاقة الصحيّة لكل المواطنين، الأشخاص ذوي الإعاقة ضمناً،يبقى الأمل في تفعيل دور البطاقة المخصصة لذوي الإعاقة وتطبيق التقديمات الصحية تطبيقاً كاملاً، مع ضرورة تفعيل مكتب الشكاوى في نقابة المستشفيات الخاصة والعمل به.