كثيرةٌ هي المصطلحات المغلوطة التي تستخدم في المجتمع، أكان بين عامة الناس في احاديثهم اليومية أو عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الإجتماعي، للحديث عن الأشخاص ذوي/ات الإعاقة. ومنها على سبيل المثال “معوقون-معاقون-عجزة-أصحاب العاهات”، والى ما هنالك من تعابير وأوصاف لا تمُت لواقعهم بصلة! وتلك الأخيرة ترمز إلى ذهنية التي لا ترى في الإعاقة إلا العاهات أو التحديات الكثيرة أو أنها عجز أو تكسير أو عدم قدرة على الإنجاز .
الحقيقة هي عكس ذلك كلياً، فاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ديباجتها (فقرة ه) أشارت إلى أن “الإعاقة تشكل مفهوماً لا يزال قيد التطور وأن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة، والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة فعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين”.1
لذلك الصائب هو قول “الأشخاص ذوي/ات الإعاقة”، ومن الضروري البدء بكلمة “أشخاص” لتحقيق التحول من النموذج الطبي إلى النموذج الإجتماعي. وهنا لا بدَ أن نذكر هذين النهجين المختلفين تماماً للتعامل مع الإعاقة.
أوَلاً النهج الطبِي ينصب التركيز كثيراً على عاهة الشخص، التي تصوَّر باعتبارها مصدراً لعدم المساواة. ولا يمكن الحديث عن أي ظروف تتصل بالمحيط في هذا النهج، إذ يُنظر إلى الإعاقة باعتبارها مشكلة طبية وفردية فالأشخاص ذوو/ات الإعاقة هم/هن مرضى يجب أن يعالَجوا لكي يصبحوا/ن أشخاصاً عاديين/ات… أمَا النهج الإجتماعي فيطرح نوعاً مختلفاً تماماً من التفكير: فيُقرّ بالإعاقة باعتبارها نتيجة للتفاعل الفردي مع بيئته التي لا تستوعب اختلافات ذلك الفرد. وهنا لا يعزى عدم المساواة إلى العاهة، بل إلى عدم قدرة المجتمع على إزالة الحواجز التي تعترض الأشخاص ذوي/ات الإعاقة.2
بالعودة الى المصطلحات أسوأ ما يمكن ان يحصل للإنسان بحيث يجرد من فرديته وكيانه وتحويله الى “إعاقة”. التركيز على الإعاقة في تواصلنا مع الشخص ذوي إعاقة، امر مهين ومؤذي والغائيً. لذا، علينا ان نعكس في كلماتنا ولغتنا، نهجاً إيجابياً، يرتكز على حقوق الإنسان. لذلك نستعرض هنا جزء بسيط من المصطلحات التي يجب ولا يجب أن تقال:
تجنب نهائيا استخدام تعابير “مكرسح”، “كسيح”، “عطيلة”، “أعمى”، “ضرير”، “أطرش”، “منغولي”، “ع البركة”… فإنها تعابير مهينة جداً للأشخاص المعوقين، بالإضافة إلى أن مصطلح “مُعاق” شُحن سلبياً وبات يُستخدم كإهانة. وبدلاً منها استخدام المصطلحات التالية: شخص ذو إعاقة سمعية شخص، ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف، شخص ذو إعاقة جسدية، شخص ذو إعاقة حركية، شخص ذو إعاقة جسدية من قصار القامة، شخص ذو إعاقة ذهنية، شخص ذو إعاقة ذهنية من متلازمة داون، شخص ذو إعاقة ذهنية التوحد.3
تجنب استخدام تعابير “الله يشفيك”،”يا حرام”،…
تجنب استخدام مصطلحات الإعاقة للتعبير عن نقص ما في الأمور الاقتصادية أو السياسية فلا يقال “شلل تام على الطريق”، “السوق مشلولة”، أو “حكومة بتراء”، كما تفعل بعض وسائل الإعلام… كما ينبغي تجنب استخدام العبارات الشائعة المهينة “حوار طرشان”، “مثل الأطرش بالزفة”، “الأعور بين العميان ملك”، وغيرها من التعابير.
تجنب عبارات مثل “يعاني من إعاقة” وكل ما يثير الاستياء أو الشفقة ويشير إلى وجود ألم مستمر وإحساس باليأس.
لا يعتبر مستخدمو الكراسي المتحركة أنفسهم “مقيدين” إلى الكرسي. بدلاً عن ذلك، ينبغي النظر إليه على أنه وسيلة لسهولة التنقل.
إن أي محاولة لإثارة مشاعر الشفقة لدى القراء أو المستمعين أو المشاهدين ربطاً بالإعاقة، لا يعني إطلاقاً تعزيز السعي لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، بل على العكس من ذلك.4
بناء على ما تقدَم يتبيَن لنا، أكثر فأكثر ضرورة مصادقة لبنان على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تتبنَى النموذج الإجتماعي والتي لا تقتصر على أشخاص محددين؛ بل إنها تحدد أشخاصاً ذوي إعاقات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية بمثابة مستفيدين. وكذلك تعزز الإدماج المجدي للأشخاص ذوي الإعاقة وتهدف الى تعزيز قدراتهم على الدفاع عن أنفسهم وتنامي التزام الحكومات بصون حقوقهم ورفاههم.
1 اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الديباجة، فقرة ه، موقع الأمم المتحدة حقوق الإنسان مكتب المفوض السامي.
2 اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، دليل التدريب، سلسلة التدريب المهني رقم 19، 2014
3 دليل آداب وقواعد التخاطب مع الأشخاص ذوي الإعاقة، برنامج تعزيز المجتمع المدنيCivil Society Program USAID, CSPUSAID ، د. مهند العزة.
4 فالأشخاص ذوي الإعاقة المسودة الثانية، إعداد وحدة الدراسات في اتحاد المقعدين اللبنانيين أيلول2017