تكفل المعايير الدولية اعتبار الأشخاص ذوي الاعاقة مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات. لكن في لبنان الواقع شيء والنصوص شيء اخر. الدكتور نواف كبارة الاستاذ المحاضر في جامعة البملند ورئيس المنظمة العربية للاعاقة ورئيس القسم العربي في المنظمة الدولية للاعاقة، يتحدث عن مخاطر عدم توقيع لبنان على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة وبروتوكولها الأختياري، وعن اماكنية التعويل على القانون 220/ 2000 لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
في ظل عدم توقيع لبنان على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة وبروتوكولها الأختياري هل يمكننا التعويل على القانون 220/ 2000 ؟
الاتفاقية الدولية ضرورية فبعد سبعة عشر عاما على صدور القانون رقم 220 تبين من خلال التطبيق انه هناك ثغرات كثيرة يعاني منها هذا القانون. اولها ان تعريفه للاعاقة هو تعريف طبي وليس حقوقي. وهو ينص على تشكيل الهيئة الوطنية لشؤون الاعاقة والتي بالرغم من الصلاحيات الكبيرة المعطاة لها فانها لا تزال حتى اليوم مكبلة وغير قادرة على القيام بمهامها كما يجب. هذا القانون لا يعطي الاهلية القانونية لكثير من ذوي الاعاقة وخاصة الذين يعانون من اعاقات ذهنية. ونحن اليوم بصدد اعادة النظر بهذا القانون وربطه بالاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
ما هو الامتحان الكبير الذي يجب على ذوي الاحتياجات الخاصة تخطيه؟
بغض النظر عن نوعية الاعاقة يبقى السؤال هل انت قادر من ضمن اعاقتك على ان تعيش باستقلالية في مجتمعك اذ كنت غير قادر اذ فانت تعاني من اعاقة والمعيق هو المجتمع .اذا يجب ان يكون توجهنا هو ازالة هذه العقبات حتى لايكون التعاطي مع قضية الاعاقة من زواية طبية فقط بل من زواية اجتماعية. ساعطيك مثلا. الجامعة التي أدرس فيها بالرغم من انها الاكبر في لبنان لم تكن مجهزة بالوسائل التي تتيح للاشخاص الذين هم في مثل وضعي التحرك من دون الاستعانة باحد مما اضطرني للاستقالة. بعكس الجامعة التي احاضر فيها اليوم والتي استطيع التحرك فيها من دون مساعدة احد.
ما هي المشاكل التي تواجه الاشخاص ذوي الاعاقة في لبنان؟
تبقى الاعاقة في لبنان قضية اساسية ولكن بالرغم من حساسياتها واهميتها فان التعاطي معها لا يتم بالجدية المطلوبة. من المؤسف جدا ان يتم التعاطي مع قضية حساسة مثل هذه القضية بهذه الخفة وبوسائل محدودة جدا مما لا شك فيه ان الاتفافية الدولية تحمل طرحا تجديديا عبر اعتمادها الفلسفة الحقوقية في مقاربتها لقضية الاعاقة كما انها تتناول كافة الشؤون المتعلقة بحقوق المعوقين وازالة كافة اشكال التميييز ضدهم. ولكن لا يمكن لهذه الاتفاقية ان تتحول الى استراتيجية فعالة للتنفيذ من دون وجود التزام حكومي واضح بهذا الاطار، ومن هنا ياتي الدور الاساسي والفعال للمجتمع المدني وخاصة جمعيات الاشخاص المعوقين للدفع باتجاه ضمان اكبر قدر ممكن من الالتزام الحكومي بتنفيذ بنود الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.
هل تعتبر ان التزام لبنان بالاتفاقية الدولية يعطي الحماية الاجتماعية ؟
حقيقة انا الا اعرف ما مدى احترام لبنان لتوقيعه على الاتفاقيات الدولية ولكن الذي اعرفه لو ان لبنان صدق على الاتفاقية الدولية كان عليه لزاما ان يقوم بتقديم تقرير كل ثلاث او اربع سنوات الى الامم المتحدة يشرح فيه الخطوات التي قام بها لتطوير وضع ذوي الاعاقة في لبنان والخدمات التي قام بتقديمها لهم. مما كان سيجعلنا امام مشهد مختلف عما هو عليه اليوم اذ ان لبنان كان سيجد نفسه ملزما باتخاذ جميع الاجراءات التي تمنع عنه المساءلة الدولية فيما يتعلق بهذا الملف موضوع حديثنا وهذا امر خسرناه بسبب عدم تصديق لبنان على الاتفاقية التزام لبنان بهذه الاتفاقية يفرض عليه التعاطي مع قضية ذوي الاحتياجات الخاصة من منطلق حقوقي وليس رعائي. كما انها تفرض عليه القيام بعدة خطوات بنيوية بهدف ضمان اكبر قدر من الدمج لذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع.
ما هي السبل التي يمكن لذوي الاحتياجات من خلالها الوصول الى حقوقهم؟
لقد صدر في لبنان القانون 220/ 2000 الخاص بالاشخاص ذوي الاعاقة وصدرت الاتفاقية الدولية في العام 2006 وقد وقع عليها لبنان عام 2007 لكن لم يتم المصادقة عليها من قبل مجلس النواب لاسباب سياسية. للاسف في لبنان كل شيئ متوقف على وضعنا السياسي ولا نملك حيال ذلك الا ان نضغط ونرفع الصوت عاليا الا ان قدراتنا على التأثير تبقى محدودة. والمشكلة الاهم في لبنان ان الدولة عندنا لا تزال تتبنى المقاربة الرعائية لقضية الاعاقة على حساب الفلسفة القائمة على الحقوق والدمج كما جاء في كل من الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والقانون اللبناني رقم 220.
نحن اليوم نضغط من الخارج للحصول على نتائج في الداخل من خلال التحالف الدولي للاعاقة وهو يضم 12 اتحادا دوليا واقليميا للاعاقة وتم انشاء هذا التحالف خلال فترة التفاوض مع الامم المتحدة على الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، وقد استمر هذا التحالف في عمله وقد جرى تسجيله مؤخرا كمنظمة دولية ووضع له النظام الداخلي واجريت الانتخابات على اساسه وانتخبت ممثل للمنظمة العربية للاشخاص ذوي الاعاقة. ونحن نسعى الى الضغط عبر الامم المتحدة على الدول كافة لتامين التزامها في تنفيذه هذه الاتفاقية. كما انننا نعمل على المستوى العربي مع جامعة الدول العربية والاسكوا من اجل الدفع في تنفيذ الاتفاقية الدولية. المشكلة في لبنان ان قضيتنا لا تاخذ على محمل الجد ربما لاننا لسنا قوة ناخبة كبيرة. لذلك انا ادعو الاشخاص ذوي الاعاقة الى تنظيم انفسهم وربط صوتهم الانتخابي بقضيتهم.
اين تكمن المخالفات في لبنان؟
نحن لانزال متخلفين كثيرا في التعاطي مع قضية الاعاقة في لبنان. عندنا قانون لا باس به وهو القانون رقم 220/ 2000.هناك استخفاف كبير بهذه القضية .وهي معتبرة فقط من اختصاص وزارة الشؤون الاجتماعية مع اهمال كبير لادوار باقي المؤسسات الحكومية في التعاطي مع الموضوع. بمعنى اخر ان التعاطي مع هذا الموضوع لا علاقه له لا من قريب او بعيد مع القانون او مع الاتفاقية الدولية التي تشير الى اهمية الدمج والى ضرورة ان يعيش المعوق في مجتمعه ضمن اكبر قدر من الاستقلالية. نحن لا زلنا نتعاطى مع الموضوع من زواية مؤسساتية اي اننا ندفع اموالا للمؤسسات وهذه المؤسسات تقوم بالاهتمام بالاشخاص ذوي الاعاقة وهذا امر مخالف للاتفاقية الدولية ولروح القانون 220 والذي كنت من الاشخاص الذين ساهموا باصداره. هناك برنامج وحيد فقط يتعاطي مع الملف الولوجي ولكنه عمله حتى الان مقتصر على الاعاقة الحركية.كما ان هناك بطاقة الاعاقة والتي هي بمثابة هوية للشخص المعاق والتي ليس من المفترض ان تكون كذلك وهي تعطي نفس الخدمات ونقس الحقوق لجميع المعوقين دون ان تاخذ بعين الاعتبار نوعية الاعاقة عند كل شخص وهذا ايضا خطأ كبير. البطاقة يجب ان تكون مربوطة بالخدمات لا ان تتحول الى هوية للشخص المعوق يحملها اينما ذهب.
ماهي كلمتك الاخيرة؟
في النهاية يبقى القول ان كل انسان يتعرض في حياته اما لإعاقات دائمة او لحالة اعاقة مؤقتة تجعل ما نطالب به لمصلحة الجميع وليس لمصلحة فئة محددة مع الاشارة الى ان التقرير المشترك لكل من البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية والذي صدر في وقت سابق اشار الى ان عدد الاشخاص من ذوي الاعاقة من مجمل عدد سكان العالم هو بحدود ال 15% وبالتالي فان القضية تستحق كل اهتمام ومتابعة.