محمد كريم اسم ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي ،بعد أن أعلن عبر صفحته على فيسبوك عن رغبته بيع كليته بغية الدراسة في جامعة خاصة، بعد رفض الجامعة اللبنانية استقباله لدراسة علم النفس لأنه كفيف. لماذا قد يصل انسان لمرحلة عرض قطعة من جسده ؟
انتظرته في احد المقاهي، جلست أترقب وصوله واذ هو آتٍ مع عصاه التي يعتبرها الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يتعرّف عليه المجتمع “بأنه شخصٌ كفيف!” يضحك ويقول: “هيدي العصاية مقضاية معي كتير يا ما داعسينا وراجعين عليها السيارات! وع طرقات لبنان يا ما منزلتني بجور”، بابتسامةٍ يتلو محمد قصصه على الطرقات كيف يتنقّل ويسير ببيئةٍ غير مؤهلة يواجهها كلّ يوم.
وعند سؤالي له عن عائلته صدمت بجوابه حين قال: “اعيش وحدي في بيتي في بيروت حيث اطبخ، اغسل، احضر ملابسي وانسقها أنا..” صدمت به ليس انتقاصًا بقدرته بأن يكون مستقلًا بل العكس ولكن كلمة “وحدي” اقلقتني في بلدنا فتابع ليريحني بعض الشيء قال:” أبي متوفٍ وعائلتي اضطرت للتضحية بي الآن بهدف السفر الى كندا لتأمين مستقبل أفضل لي ولأخي الذي حاله مثل حالي، أوراقي رفضت وبقيت وحدي هنا!” وبحسرةٍ تابع:” أنا أعاني من ضمور الشبكية التي من خلالها يتأخر نظري يومًا بعد يوم في بلدٍ المستقبل فيه أراه ضبابي! أنا أحب لبنان وأقول في نفسي اذا انا ذهبت وغيري ذهب من سيبقى في هذا البلد؟ ولكن كندا بالنسبة لي الملجأ الأفضل لضمان حقوقي كإنسان!”
لما شاب طموحٌ مثلك يعرض كليته للبيع؟ جاوب قائلًأ: ” فعلًا هو أمر صعب ان يقرر انسان بيع كليته بهدف التعلم. كتبت هذا على الفيسبوك بعد ذهابي للجامعة اللبنانية ومواجهتي لكلماتٍ وأسلوب بشع بالتعامل معي، كان الكلام نوع من الإساءة لي ولوضعي! فانسدّ الأفق في وجهي شو بعمل؟ لقد قالوا حرفيًا لي: “انت لازم تتنقل بين المؤسسات والعيادات وانت صعبي عليك التنقل لأن ما بتشوف! انت بدك تقرا لغة الجسد وانت قدامك ما عم بتشوف!”
ويكمل محمد :” من الممكن ان تكون غلطة احدهم، من الممكن انه أساء، أخطأ أو أنه لم يقصد ولكنني سأقول لجميع الأشخاص الله يسامحكم وأنا احبكم جميعًا، هذه ليست أول مرة أهان في بلدي أو يستهزأ بي ويساء إليّ.
أحترم موقف الجامعة اللبنانية بعد الحادثة، ولكن الكلمات التي سمعتها ستبقى في داخلي من سيعوض عليّ وعلى جميع الأشخاص اللذين يتعرضون لهذا العنف اللفظي. سأقول لأصحاب وصاحبات التحديّات الخاصّة نحن كلنا بشر وكلنا نتمتع بهذه الإنسانية، اذا شخص أساء اليك أو أهانك أو تجرأ على الإستهزاء بوضعك لا تفكر في الحقد أو الكره بل حاول ان تذهب اليه وتساءله ؟ لا تسكت عن حقك قفّ وقلّ “أنا انسان بدي اتعامل بكلّ انسانيتي ببلد متل لبنان ما بعرف قديش بعد في معدل انسانية !” آمل من الجميع التفكير بالكلمات قبل قولها فإن كان الجرح يستطاب بالأيام فجرح الكلام كيف يداوى من إثر اللئام”.
نداء محمد للأشخاص الذين تهدر حقوقهم كلّ يوم:” لو كانت إتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الإختياري مصادق عليها في لبنان أعتقد أنه ما كان حصل لي أي من هذا! وما كان المجتمع اعتبرنا عبء عليه لأنه لم يعتد ان يتعامل معنا بشكل متساوي! اذا كان لبنان يحترم الإنسانية يجب ان يصادق على هذه الإتفاقية!