ينص الدستور اللبناني على احترام حقوق جميع ابنائه دون تمييز. ومع ان لبنان شارك في صياغة الشرعة العالمية لحقوق الانسان ووقع على العديد من التفاقيات الدولية ذات الصلبة بحقوق الإنسان فان حقوق الاشخاص ذوي وذوات الإعاقة ما زالت منتهكة. مرت سنوات على صدور الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وبروتوكولها الاختياري فان لبنان لم يصادق عليها ا يشكل انتهاكا واضحا لابسط قواعد حقوق الانسان. حول هذا الموضوع وكيفية الخروج من هذا الواقع الصعب كان لنا هذا الحوار مع الاستاذ عامر مكارم مدير جمعية الشبيبة للمكفوفين.
كمتابع لوضع الاعاقة في لبنان كيف تصف لنا المشهد اليوم ؟
صحيح ان الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان يحصلون على بعض التقديمات من الدولة اللبنانية وهذا امر ايجابي. ولكن بالمقابل عند الحديث عن وضعهم على مستوى حقوق الانسان فانني استطيع ان اصف الوضع بالصعب جدا . لاشك انه شيئ جيد انهم يحصلون على بعض فرص العمل وعلى حقهم بالتعليم الى حد ما. ولكن حتى هذا الامور هي تحصل بشكل مجتزئ ولا تحترم مبادئ حقوق الانسان. صحيح ان لبنان وقع على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وبروتوكولها الاختياري الا انه لم يصادق عليها، وعدم المصادقة يعني من الوجهة القانونية انه غير ملتزم بتطبيقها. مما يعطي صورة سلبية عن لبنان على مستوى التزامه بمبادئ حقوق الانسان. اما على المستوى العملي فانه عندما نكون في دولة لا تقر بحقوق الاشخاص ذووي الاحتياجات الخاصة ولاتطبقها فان الحديث عن وجود وزارة تقدم بعض المساعدات لذووي الاحتياجات الخاصة يصبح امرا محدودا وثانويا.
في حال طبق لبنان هذه الاتفاقية ماذا سيتغير؟
مثلا لجهة حقوق الطفل المعوق في التعليم. من المعروف ان الحكومة اللبنانية تمول وتدعم المدارس الداخلية التي يدرس فيها الطفل المعوق ويقيم، وهذا الامر مخالف لابسط حقوق الانسان اذ لايمكن فصل الطفل المعوق عن ذوويه مهما كانت الذريعة. وكأن الدولة بعملها هذا تريد ان تقول ان الطفل المعوق هو طفل غير مقبول في عائلته وفي محيطه ولذا يجب وضعه في اماكن مخصصة للوضع الذي هو فيه. هذا الامر لا تقره الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق ذووي الاحتياجات الخاصة وتعتبره امرا مخالفا لجقوق الانسان. ومع المصادقة عليها من لايعود بامكان الحكومة اللبنانية الاستحفاف بهذا الموضوع. فالطفل يجب ان يعيش مع ذوويه في كل الحالات والظروف.
هل هناك من اعتراضات للبنان على الاتفاقية حدت به الى عدم ابرامها؟
ان عدم مصادقة لبنان على الاتفاقية لا يعود الى اسباب تتعلق بمضمونها. بل لأمر مختلف تماما وهو بالحقيقة سبب سياسي. فالحكومة اللبنانية التي كان يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة قامت بتحويل الاتفاقية الى المجلس النيابي بمشروع قانون للمصادقة عليها.يومها كان لبنان يمر بازمة سياسية حادة نتج عنها استقالة كل الوزراء الذي يمثلون طائفة معينة من الحكومة.الامر الذي جعل رئيس مجلس النواب يقرر عدم استقبال كل مشاريع القوانيين المرسلة من هذه الحكومة باعتبارها اصبحت حكومة غير مثياقية.وفيما بعد ومع انتفاء التوتر وعودة الامور الى مجاريها برز رأيين متناقضين الاول يعتبر ان مجلس النواب لايمكنه استقبال مشاريع قوانيين محولة من حكومة غير مثياقية ورأي اخر يعتبر انه لايمكن اعادة مشاريع القوانيين هذه الى مجلس الوزراء لدراستها لانه بذلك نكون قد اقرينا بعدم ميثاقية هذه الحكومة. امام المشهد هذا والذي نتج عنه توقف مشروع حيوي يهم كل ذووي الاحتياجات الخاصة في لبنان قامت الجمعيات والهيئات الخاصة بذووي الاحتياجات الخاصة في لبنان باتصالات مع جميع المسؤولين المعنيين بهذا الملف بغية ايجاد حل ولكن للاسف لم نحصل الا على وعود فقط.
ما هي انعكسات عدم مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية على وضع ذووي الاحتياجات الخاصة في لبنان ؟
ان عدم مصادقة لبنان على الاتفاقية الدولية الخاصة بذووي الاحتياجات الخاصة في لبنان وبروتكولها الاختياري قد نتج عنه تراجع الدعم لقضايا الاعاقة في لبنان من قبل المنظمات الدولية التي تعمل في مجال حقوق الانسان والمنظمات الدولية التي تقدم المنح والدعم لقضايا الاعاقة في العالم. خصوصا انه قد مر عشر سنوات ونحن نحاول اقناع هذه المنظمات بان لبنان سيوقع على الاتفاقية الخاصة بحقوق المعوقين.ولكن اليوم وللاسف فان نظرة هذه المنظمات الى لبنان هي على انه بلد لم يقوم باي خطوة تجاه حقوق الاشخاص المعوقين فيه. واكثر من ذلك فان المنظمات الدولية الخاصة بقضايا الاعاقة لم تعد تدعم اي مشروع في لبنان لا ينسجم مع مضمون الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق ذووي الاحتياجات الخاصة وبرتوكولها الاختياري.
هل هناك مصطلح موحد للاشارة الى الاشخاص المعوقين ام هناك عدة مصطلحات؟
كل مجال من مجالات الاعاقة له مصطلحاته فعندما يكون الكلام مثلا عن المجال التربوي نستعمل مصطلحات خاصة مختلفة على تلك التي لها علاقة بالطفولة.بالنسبة لي عندما يكون الكلام عن كل الاشخاص المعوقين فان المصطلح الافضل هو “الاشخاص الذين لديهم اعاقة” او “الاشخاص المعوقين”
اما عندم يكون المقصود هو التفاعل بين الشخص والمعيقات الموجودة في المجتمع وهذا ما قد ينتج عنه اما ان تخف الاعاقة او ان تصبح اصعب. فهنا من المهم ان نستعمل مصطلح الاشخاص المعوقين. لان كلمة المعوقين تعبر عن وجود اعاقة ووجود معيقات. اما مصطلح اشخاص لديهم اعاقة فهو يعبر عن وجود اعاقة عند الشخص. اما بالنسبة لمصطلح ذووي الاحتياجات الخاصة فهو لايدل على الاشخاص المعوقين فهو قد يشمل اشخاص لديهم صعوبات اخرى غير الاعاقة كالصعوبات التعليمية مثلا.