“لا شيء عنا، من دوننا” كان منذ فترة طويلة شعارا لحركة حقوق الأشخاص ذوي/ات الإعاقة – الصورة لـ مروان طحطح
صدر توجيه جديد عن اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي/ات الإعاقة (CRPD) يؤيِد حق جميع الأشخاص ذوي/ات الإعاقة في المشاركة والإنخراط في جميع القضايا المتعلقة بهم. كما يوضح التزامات الدول الأطراف بضمان مشاركة الأشخاص ذوي/ات الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم/ن، في تنفيذ ورصد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بما يتماشى مع المادتين ٤ فقرة ٣ و٣٣ فقرة ٣ من هذه المعاهدة الدولية. هذا التعليق سيساعد الجميع دولا وأفرادا ومنظمات على توضيح معنى هاتين المادتين وهدفهما وكيفية تنفيذهما.
فالمادة ٤ في فقرتها الثالثة تنص على ضرورة أن تعمل الدول مع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة واشراكهم فعليا وذلك عند وضع التشريعات وتنفيذها، كما عند اتخاذ أي قرار يؤثر عليهم. اما المادة ٣٣ فقرة ٣ فتنص على أهمية أن تتحقق الدول إذا كان الأشخاص ذوو/ات الإعاقة يحصلون/ن على حقوقهم/ن أو لا، ومدى مشاركة هؤلاء/ في عملية الرصد كجزء من مفهوم أوسع نطاقاً المشاركة في الحياة العامة.
تؤثر المشاركة الناشطة والمستنيرة من جميع الأشخاص ذوي/ات الإعاقة في القرارات المتعلقة بحياتهم/ن وحقوقهم/ن، وتتسق مع النهج القائم على حقوق الإنسان في عمليات صنع القرار العامة، وتضمن حسن الحكم والمساءلة الاجتماعية. وقد أثبتت العمليات التشاركية وإشراك الأشخاص ذوي/ات الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم/ن، في التفاوض بشأن الاتفاقية وصياغتها، أنها مثال ممتاز لمبدأ المشاركة الكاملة والفعالة والاستقلالية الفردية وحرية اتخاذ القرارات الخاصة. ونتيجة لذلك، يعترف القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل لا لبس فيه بأن الأشخاص ذوي/ات الإعاقة هم/هن “أشخاص قانون” لجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
واستنادا إلى اجتهادها، تهدف اللجنة إلى توضيح التزامات الدول الأطراف بموجب المادتين ٤ فقرة ٣ و٣٣ فقرة ٣ وتنفيذها في هذا التعليق العام. تلاحظ اللجنة التقدم الذي أحرزته الدول الأطراف في تنفيذ الأحكام المنصوص عليها في المادتين المذكورتين سابقا على مدى العقد الماضي، مثل منح مساعدة مالية أو غيرها من المساعدات إلى منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص ذوو/ات الإعاقة، في إطار رصد مستقل ﺍﻷﻃﺮ المنشاة ﻋﻤﻼ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ٣٣ فقرة ٢ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ، وفي ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﺻﺪ. وعلاوة على ذلك، تشاورت بعض الدول الأطراف مع منظمات الأشخاص ذوي/ات الإعاقة في إعداد تقاريرها الأولية و/أو الدورية للجنة وفقا للمادتين ٤ فقرة ٣ و ٣٣ فقرة ٤.
لكن رغم ذلك، أن اللجنة لا تزال تلاحظ وجود فجوة هامة بين أهداف وروح المادتين ٤ فقرة ٣ و٣٣ فقرة ٣ ودرجة تنفيذهما. ويعود ذلك، في جملة أمور، إلى عدم وجود مشاورة ذات مغزى مع الأشخاص ذوي/ات الإعاقة وإشراكهم/ن، من خلال المنظمات التي تمثلهم/ن، في وضع وتنفيذ السياسات والبرامج.
لذلك ينبغي على الدول الأطراف أن تقر بالتأثير الإيجابي على عمليات صنع القرار وضرورة إشراك الأشخاص ذوي/ات الإعاقة وضمان مشاركتهم/ن، من خلال المنظمات التي تمثلهم/ن، في هذه العمليات، لا سيَما بسبب تجاربهم/ن المعيشية ومعرفتهم/ن بالحقوق الواجب تنفيذها. كما ينبغي على الدول الأطراف أن تنظر في المبادئ العامة للإتفاقية في جميع التدابير المتخذة لتنفيذها ورصدها، وكذلك في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ والأهداف الواردة فيها. كما ينبغي أن تمتثل العمليات والنتائج المتعلقة بالاتفاقية وخطة عام ٢٠٣٠ للمادتين ٤ فقرة ٣ و ٣٣ فقرة ٤ من الاتفاقية.
وقال ستيج لانجفاد رئيس الفريق العامل المعني بالتعليق العام: “من الواضح أن الدول الأطراف في الاتفاقية تحتاج إلى توجيهات بشأن أسباب وكيفية التعاون مع منظمات الأشخاص ذوي/ات الإعاقات باحترام وعلى قدم المساواة”، “وأضاف: “بصفتي شخصًا ذا إعاقة وناشط منذ عام ١٩٧٣ في المنظمات والحياة العامة، فأنا أعرف قوة الأشخاص ذوي/ات الإعاقة”.
“لا شيء عنا، من دوننا” كان منذ فترة طويلة شعارا لحركة حقوق الأشخاص ذوي/ات الإعاقة. تشير اللجنة في تعليقها العام إلى أنه عندما يتم التشاور مع الأشخاص ذوي/ات الإعاقة، يؤدي ذلك إلى القوانين والسياسات والبرامج التي تسهم في مجتمعات وبيئات أكثر شمولاً.
يهدف التعليق العام إلى أن يكون أداة مفيدة تقدم توصيات محددة حول كيفية إجراء مشاورات مع الأشخاص ذوي/ات الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم/ن.
وقالت اللجنة إنه ينبغي أن يتضمن ذلك تطوير معلومات يمكن الوصول إليها بشأن عمليات صنع القرار، وإنشاء منهجيات شاملة، وضمان حصول منظمات الأشخاص ذوي/ات الإعاقة على التمويل الوطني والدولي لعملها والدعوة لها. كما يحدد التعليق العام منظمات الأشخاص ذوي/ات الإعاقة ويسلط الضوء على أن احترام حقوق الأشخاص ذوي/ات الإعاقة في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والتعبير أمران ضروريان لمشاركتهم/ن ومشاوراتهم/ن معهم/ن.
أمَا بالنسبة للبنان كونه غير مصادق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى بروتوكولها الإختياري، بالتالي غير ملزم بأحكامهما أو حتَى بالتعليقات وبالتوصيات التي تصدر عن اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. نتيجة لهذا الوضع يبقى الأشخاص ذوي/ات الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم/ن في لبنان مهمشين/ات وبعيدين/ات عن المشاركة في عملية صنع القرار وسهولة وصولهم/ن الى المعلومات.
هنا تكمن أهمية مصادقة لبنان على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لإلزامه بضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال المنظمات التي تمثلهم/ن ، في تنفيذ ورصد الاتفاقية والمشاركة والإنخراط في جميع القضايا المتعلقة بهم/ن.
اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ الدول الأطراف للاتفاقية. وجميع الدول الأطراف ملزمة بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة عن كيفية إعمال الحقوق. ويجب على الدول الأطراف أن تقدم تقريراً أولياً في غضون سنتين من قبول الاتفاقية وأن تقدم بعد ذلك تقريراً كل أربع سنوات. وتنظر اللجنة في كل تقرير وتقدم اقتراحات وتوصيات عامة بشأن التقرير وفقاً لما تراه مناسباً وترسل هذه الاقتراحات والتوصيات إلى الدولة الطرف المعنية. والبروتوكول الاختياري للاتفاقية يمنح اللجنة اختصاص بحث ما يقدم من شكاوى فردية تتعلق بادعاءات بحدوث انتهاكات للاتفاقية من الدول الأطراف في البروتوكول. وتجتمع اللجنة في جنيف وتعقد عادة دورتين كل سنة.
المزيد عن اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة